الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

«انتقام عانس»

الأربعاء 03/مارس/2021 - 11:17 م
هير نيوز

مازالت المرأة في مجتمعنا صامدة في وجه مصطلحات عفا عنها الزمن، ومنها لقب "عانس" وهو اللقب الذي لا يكترث الكثيرات به الآن، ولكن هناك أخريات يعانين منه؛ بل ويحول حياتهن إلى مأساة من قسوة وتنمر قد دفعهن إلى ارتكاب الجرائم والانتقام، وهو ما فعلته "منى" في جارها ووالدته الذي راوغها بعدما وعدها بالزواج وسلب منها أموالها وذهبها.

ومنى بطلتنا اليوم هي الابنة الصغرى لوالديها، لطالما حلمت والدتها بها وأنجبتها بعد ثلاثة أبناء، لكن الله أراد لها أن تكون سمراء الوجه وشعرها مجعد، ولكن المجتمع حرمها من أن تعش حياة طبيعية وكأن البشر هي التي تختار من كون جملًا أو قبيحًا، فزاد عليها التنمر في المدرسة بين زميلاتها الذين يرون أنها "قبيحة"، مما دفعها إلى التخلي الدراسة، وفضلت البقاء في المنزل مع والدتها مصدر الحنان والعطف لها لتساعدها وتخفف عنها من أعباء المنزل.

ومرت الأيام عليها بين واديها في المنزل من دون مخالطة ولا أصدقاء ولا جيران، لكن والدتها حافظت على مشاعرها وبدأت بتزيينها من ملابس جميلة ومجوهرات ثمينة، حتى ينجذب إليها أحد الشباب وتقدم لخطبتها، لكن ظلت وحيدة وصار أشقائها يشقون طريقهم ويبني كل منهم أسرة مستقلة لتبقى منى وحيدة وزادت وحدتها حتى أن زوجات أشقائها رفضًا لنظراتهم الجارحة لها.

وهنا عملت والدة منى ووالدها على تأمين مستقبلها بتنمية مهاراتها من المنزل فعلمتها أمها المشغولات اليدوية التي برعت بها وزاد إنتاجها بعدما قرر والدها عرض مشغولاتها على بعض المحال التجارية، وصار لها دخل خاص بها، ولكن ظلت تعيش وحيدة خاصة بعد وفاة والديها.

ولأن "دوام الحال من المحال" وهذه طبيعة الكون، كان ظهور أحد جيران "منى" في حياتها فجأة حوَّل حياتها وزرع الأمل من جديد، فهو متزوج لكنه عاد إلى أحضان والدته ليعيش معها وترك زوجته لخلاف وقع بينهم بسبب سوء أحواله المادية، ولأن "منى" ظهرت أمامه بمجوهراته التي جذبت انتباهه بعدما رفض الزواج منها من قبل، إلا أنه قرر التودد إليها وملاطفتها وتحريك مشاعرها بأحلى كلمات الغزل التي ظلت غائبة عن أذنيها منذ ولادتها إلى تلك اللحظة، وهو ما أثار مشاعرها المدفونة منذ أعوام واستجابت لكلماته، خاصة وأنه أكد لها أن جمال روحها طغى على جمال الوجه، فيكفيه أنها هادئة الطباع، وأبدى لها رغبته الارتباط بها فور تعديل أموره المادية.

ومن هنا تمسكت منى بتلك المشاعر وقررت مساعدته بكل مجوهراتها ليقف على قدميه من جديد ويتزوجا وتعيش تلك الحياة التي كانت دومًا تحلم بها، وفي المقابل كانت الخديعة الكبرى وتبددت الأحلام كلها، بعدما استعاد المخادع نشاطه وعاد إلى زوجته ليصالحها ويطلب منها السماح والغفران، بدلًا من الوفاء بوعوده من الفتاة التي ساندته وقرر نسيانها.

لكن نار الخيانة والرغبة في الانتقام اشتعلت في قلبها، وبدأت منى في الاتصال به لكنه كان يماطلها ويراوغها وطال انتظارها في أن يفي بوعده أو بإعادة ما سلبه منها، وهنا قررت الثأر منه لمشاعرها الضائعة، واتفقت معه على الحضور لمقابلتها عند والدته بعد تهديده بكشف أمره أمام زوجته، وسبقته عند والدتها، ودخلت معها المطبخ وادعت مساعدتها وتنظيفه لها لكنها في حقيقة الأمر كانت تضع مبيدًا حشريًا في السكر، وبعد وصول الشاب المخادع لشقة والدته كانت المفاجأة حيث أصيبت والدته بحالة تسمم فيما أصيب هو الآخر بعدها بوقت وجيز، لينتهي الأمر بمصرع الأم وإنقاذ الشاب المخادع.

ولينتهي الحال بـ"منى" خلف القضبان حيث كشفت تحريات المباحث عن تفاصيل الواقعة وتم إلقاء القبض عليها، بعدما اعترفت بجريمتها مؤكدة أن هدفها الثأر من الشاب المخادع الذي زرع نبضات الأمل في الحياة، لكنه سلب منها تلك النبضات ومصوغاتها أيضًا ورفض إعادتها إليها.

ads