فايزة ملوك تكتب: عظيمات ظلمهن التاريخ

زخر القرن العشرين بنساء ساهمن في صنع النهضة المصرية، وأثبتن وجودهن في مهن كانت قاصرة علي الرجال، فاستحقوا بحق أن يفخر بهن التاريخ بما ساهموا به في الإرتقاء بالحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وبقوة كفاحهن الذي كان نبراسا أضاء الطريق أمام فتيات اليوم.

من بين هؤلاء الأديبة والشاعرة والمصلحة الاجتماعية "ملك حفني ناصف" التي ولدت بالقاهرة عام 1886 في أعقاب فشل الثورة العرابية ونجاح الإنجليز في احتلال مصر عام 1882، حيث كان المصريون يعيشون أعلى درجات القلق والتوتر واليأس مما انعكس أثره على ملامح شخصيتها.

اقتربت ملك حفني من حياة فتاة الريف بعد زواجها من أحد أعيان الفيوم عام 1907، وإقامتها هناك فدعت إلى تحرير المرأة بما لا يتعارض مع تعاليم الدين والتقاليد، وعرفت باسم "باحثة البادية".

أنشأت "ملك" جمعية إغاثة المنكوبين المصريين والعرب التي خرج من رحمها الهلال الأحمر المصري فيما بعد، كما أسست اتحاد النساء التهذيبي من نساء مصريات وعربيات وأجنبيات، بهدف توجيه المرأة نحو الصالح، وأقامت في بيتها مدرسة لتعليم الفتيات مهنة التمريض، كما مثلت المرأة المصرية في المؤتمر المصري الأول الذي عقد بالقاهرة في فندق هليوبليس خلال شهر أبريل من عام 1911 للنهوض بمصر وقدمت فيه المطالب التي تراها ضرورية لتحقيق الهدف المنشود.

وشاركت بالعديد من الخطب في نادي حزب الأمة تحث فيه الشباب، بالاعتماد علي الصناعة الوطنية كبديل للصناعة الأجنبية، ومطالبة بألا يقتصر بعدم الاقتباس من الغرب إلا عند الضروره، بعد تمصيره حتي يكون ملائمًا لعاداتنا وطبيعة بلادنا.

قدمت مّلك العديد من المؤلفات أشهرها النسائيات، ومجموعة شعرية متفرقة في شئون المرأة كالزواج، والطلاق، والسفور، والحجاب وطالبت بالمساواة بين الجنسين في التعليم والعمل وتوفت عام 1918 عن عمر 32 عاما عقب إصابتها بالاكتئاب النفسي نتيجة انتشار إشاعة بأنها عاجزة عن الإنجاب.

نتذكرها اليوم تواكبا مع الاحتفال بالعام الجديد لتعرف الأجيال الجديدة أن مشاركة المرأة المصرية في الحياة العامة ليست وليدة اليوم، بل سبقهن رائدات قدمن رؤيٌ علمية وعملية للنهوض بمصر قبل قرن من الزمان.. وإلى اللقاء مع نموذج آخر من نسائنا العظيمات.

د. فايزة ملوك.. أستاذ التاريخ الحديث.. كلية الآداب جامعة دمنهور