الأربعاء 15 مايو 2024 الموافق 07 ذو القعدة 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

المرأة في الحياة السياسية.. تمكين حقيقي أم كمالة عدد؟

الخميس 19/نوفمبر/2020 - 12:20 م
هير نيوز



"أنت سلبي وجاهل"، هكذا قالتها عديلة لبخيت، بصوت لا يخلو من الغضب، بعد أن قال لها بنظرات لا تغيب عنها الدهشة "إحنا مالنا إحنا ومال السياسة؟".


ويلخص هذا المشهد السينمائي الذي لا يتعدى دقيقة حال المرأة في الانتخابات ودورها في الحياة السياسية بشكل عام، فرغم دعوات التمكين والحرص الدائم على تحفيز المرأة للمشاركة سياسيا، إلا أن حضورها السياسي ظل باهتا وغير مؤثر في الآونة الأخيرة.


بينما تطالعنا الدول المتقدمة دائما بنماذج لها حضور قوي في المشهد السياسي وآخرها كامالا هاريس، التي أصبحت أول امرأة في منصب نائب الرئيس الأمريكي.


هير نيوز تلقي الضوء على الوضع السياسي للمرأة وخاصة في الحياة البرلمانية، ولماذا حظوظ المرأة في الوصول إلى القبة لم تصل إلى المكانة التي تستحقها.


تاريخ المرأة في البرلمان


ثورة 1919 شهدت الخطوة الأولى لاقتحام المرأة للحياة السياسية من خلال مشاركتها الفعالة في تلك الثورة، وتصدرت هدى شعراوي وصفية زغلول الصفحة الأولى من صفحات النضال السياسي للمرأة، ليعبر الزعيم سعد زغلول عن ذلك بقوله "لتحيا السيدة المصرية".


كما شهد عام 1938 نقلة سياسية أخرى للمرأة، حيث عقد أول مؤتمر نسائي فى القاهرة وأسست فاطمة راشد أول حزب سياسي للمرأة تحت اسم "الحزب النسائي المصري"، أما دخولها الفعلي للحياة البرلمانية كان في عام 1956، لتحصل المرأة المصرية على حق الانتخاب والترشح وفقا للدستور.


قبل أن تبدأ في عام 1957، حيث سجل التاريخ 14 يوليو من العام نفسه دخول راوية عطية كأول امرأة مصرية إلى البرلمان.


تقول إلهام حسب النبي، مدرس الإذاعة والتليفزيون بجامعة أسيوط،  إن الموروث الثقافي القائم على فكرة "الست مكانها المطبخ" و"وأنتي مالك ومال السياسة"، ينم عن انعدام مفهوم المشاركة السياسية، مضيفة أن العصبية القبلية تعني أن "أشجع ابن عمي مش بنت عمتي، فأي واحدة تمد إيدها في السياسة هيبقى مصيرها زي جميلة بوحيرد واللي شفته من مخاطر".


أما فاطمة شعبان، أستاذ مساعد الإذاعة والتليفزيون بالمعهد الدولي العالي للإعلام بالشروق، أوضحت أنه لكي نغير ثقافة المجتمع لا بد من وجود بيئة ملائمة ومناخ ملائم فإذا لم يتواجد هذا المناخ فلن تتواجد الأمكانية لتغيير أي معتقد.


وأردفت أن "البيئة الحالية غير صالحة لإداث أي تغيير خاصة فيما يتعلق بالتعليم، فالتعليم في الصغر كالنقش على الحجر، فإذا أردنا مشاركة فعالة للمرأة وخلق بيئة ملائمة فلابد أن نبدأ من الصغار".


وأضافت أن المرأة أحيانا تخشى من ما يمكن أن نطلق عليه "البلطجة السياسية والألاعيب السياسية، التي ستمارس ضدها كسيدة، لو هناك البيئة والوعي لن يحدث ذلك سواء للمرأة أو حتى الرجل فهو يواجه نفس المخاطر.


وذكرت أنها ضد التمييز ومسألة الرجل والمرأة فاختيار المرشح لابد يكون أساسه الكفاءة.


نهال رضا، باحثة إعلام بجامعة الاسكندرية، قالت إن مشاركة المرأة في الحياة السياسية بدأت تأخذ منحى آخر في البلدان العربية وبدأت تأخذ منحى إيجابي نوعا ما، فرأينا ظهور الحركات النسائية والعمل على تعزيز المساواة بين الرجل والمرأة في كافة النواحي.


وأوضحت "في مصر تحديدا المرأة لها وضع مختلف خاصة في ظل الظروف الاقتصادية يعني هتفكر في كارير سياسي ولا هتفكر تكون أسرة مستقرة فالحياة الاقتصادية أثرت على وضع المرأة بشكل كبير، الأمر الآخر الناس ليس لديها ثقة أن المرأة قادرة أن تكون سياسية وتتحمل مسؤولية قيادة منصب سياسي، ووجهة النظر تلك لها بعد اجتماعي وديني، وهذه ثقافة في المجتمع رغم أن الدين أعطى الحق للمرأة في المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية".


وتابعت "كما أن الإعلام عليه دور كبير للأسف وحصر المرأة وقضاياها في تغطية مهرجان الجونة وأزياء الفنانات، ولا نرى إلقاء الضوء على النابغات في مجال الاقتصاد أو السياسة، فالإعلام مقصر في عرض نماذج ملهمة وإبراز دورها وقدرتها في تولي المناصب القيادية".


سيمون صبحي المنسقة بمؤسسة فاضيليا بأسيوط، أضافت أنه رغم تخصيص نسبة الـ25% لترشح المرأة، إلا أن هذه النسبة ليست متاحة لكل السيدات، لأن الذي يملك المال هو الذي يستطيع أن يشارك في الحياة السياسية، فرغم وجود كوادر في الريف وفي المدن لكن نجد أنه لم يأت من يكشف نورهم ويعطيهم الفرصة، كذلك ثقافة المجتمع فالمرأة تواجه تنمر  "لو الست تفكر تنزل تترشح دايما يتقال هتعمل ايه دي".


وأشارت إلى أن المرأة تواجه "اتهامات بأنها مادامت تريد المشاركة السياسية فهذا يعني أنها مهملة في منزلها، فحتى نسبة المشاركة المتمثلة بـ25% تواجه قيود فكرية واجتماعية".



أما زينب محسن مديرة مشروع حياة كريمة ومنسقة مشاريع تنموية،  ذكرت أن هناك ثقافة عدم ترشيح المرأة لمرأة مثلها، فرغم مطالبة المرأة بحقها مازال داخلها الغيرة من نفس جنسها، وبالتالي لا ترغب في نجاح امرأة مثلها بل تعمل على إبعادها بحجة "أن دي نازلة تعمل ايه وسط كم الرجال الهائل".


وأكملت "أيضا لأن المرأة بداخلها مشوش ومعروفة بقلة تركيزها في العمل لانشغالها بأمور البيت، فهذا يعزز النظرة تجاهها بأنها غير مؤهلة، لذا مازالت تشعر أن الرجل أحق بالمناصب وبالمشاركة في الحياة السياسية". 


بينما يرى الدكتور عبد الله فيصل مدرس العلوم السياسية ونائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بجامعة أسيوط، أن مناخ العمل السياسي في مصر غير مساعد لتواجد ونجاح السيدات بشكل طبيعي.


وأوضح أن الدخول للملعب السياسي مكلف ماليا وهذا ما يجعل حظوظ السيدات أقل، لأن استقلاليتهن المالية محدودة لذا نجد عدد محدود من السيدات اللآتي يستطعن دخول الملعب السياسي، كذلك طبيعة العملية السياسية والتي يتم إدارتها بأساليب غير شريفة، الأمر الذي من الممكن أن يؤثر على سمعة السيدات وبالتالي بيقلل من فرص دخولهم، إضافة إلى ذلك الثقافة الذكورية التي تفضل تواجد الرجل في صدارة المشهد السياسي، لأنه الأكفأ والأقدر.


وأكد أنه "لكي يتغير هذا الوضع لابد من التمكين الاقتصادي للمرأة ومن التغيير الثقافي، وهذا الأمر سيحتاج لوقت قد يمتد لأجيال لكي تحدث".