الثلاثاء 23 أبريل 2024 الموافق 14 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

اليهودية التي كرّمها الرئيس السادات.. «نجوى سالم» ساندت المجهود الحربي

الخميس 15/أبريل/2021 - 10:44 م
اليهودية التي كرّمها
اليهودية التي كرّمها الرئيس السادات

كانت مصر في حقبة الأربعينيات من القرن العشرين، مسرحًا للتعايش السلمي وقبول الآخر تحت مظلة التنوع الديني والثقافي.

عاش المسلم إلى جانب المسيحي واليهودي في سلام وانصهروا في بوتقة واحدة تحت شعار «كلنا مصريون»، ولم ينغص هذه الوحدة سوى بدء احتلال فلسطيني وظهور الحركة الصهيونية ومحاولتها التفريق بين المصريين.


اليهودية التي كرّمها الرئيس السادات
وكانت السينما المصرية، بمثابة المرآة التي تعكس هذا التوحد والتعايش السلمي الحقيقي فلم تخلُ من النّجوم اليهود، من بينهم الفنانة «نجوى سالم» الفتاة خفيفة الظل صاحبة الابتسامة الآسرة، والتي بدأت من مسرح الريحاني حينما أدت دور «بنانة» رواية «استنى بختك»، ورغم ديانتها اليهودية، إلا أنها أسلمت وهاجمت الصهيونية، ولم تلب دعوات السفر لإسرائيل، بجانب دعمها القضية الوطنية المصرية ومشاركتها في المجهود الحربي أثناء حرب الاستنزاف، حتى نالت درع القوات المسلحة عن وطنيتها، كما كرّمها الرئيس السادات أيضًا العام 1978.. إنها الفنانة الكبيرة نجوى سالم.

اسمها الحقيقي «نظيرة موسى شحاتة»، وولدت في حي الظاهر يوم 17 نوفمبر 1925، لأب يهودي لبناني يعمل في ورشة أحذية وأم يهودية إسبانية تدعى ميرفت جودة تعمل مصممة أزياء نسائية لدى محلات «شيكوريل».

حالت ظروف أسرتها المادية دون استكمال دراستها، فاكتفت بالشهادة الابتدائية، وفي حي الظاهر الذي تعيش به أكبر نسبة من اليهود –آنذاك- كانت هناك 17 دار عرض سينمائي، تعرض كلها أفلاما تدعو اليهود للهجرة إلى فلسطين.

عشقت الفتاة الفن ووجدت فيه ضالتها بعدما تركت المدرسة، وذات مرة كانت الطفلة الصغيرة بمعية أسرتها التي تلقت دعوة من متعهد الحفلات المشهور فيتسايون، لحضور إحدى مسرحيات الفنان نجيب الريحاني، وقفت أمام النجم الكبير بعد انتهاء العرض وأبدت رغبتها في الانضمام إلى فرقته، فكان رده «اذهبي إلى أهلك وعندما تكبرين سأضمك للفرقة»، وهو الرد الذي صدمها لتعود إلى منزلها حزينة، وأمام رغبتها في أن تكون ممثلة وفنانة كبيرة تقف على خشبة المسرح ويصفق لها الجمهور.

نجوى سالم ساندت المجهود الحربي
وفي اليوم التالي، قررت الفتاة ذات الـ13 عامًا العودة إلى مسرح الريحاني ثانية ولكن هذه المرة وضعت المكياج، وارتدت حذاء بكعب عالٍ، وقابلت الريحاني الذي ضحك قائلا «انتي كده صغرتي كمان 5 سنوات».

وبعد عدة محاولات وافق الريحاني، أن تكون الطفلة الصغيرة ضمن فرقته ولكن كهاوية، فتعاملت مع الفرقة كالمدرسة التي ستعوضها عن عدم استكمال تعليمها، فكانت تستفيد من كل ما تراه وتذهب إلى البيت لتعيد تجسيد المشاهد التي رأتها من أساتذتها وزملائها في الفرقة، حتى اقتنع بها الريحاني، فخصص لها بعد عام كامل راتبا شهريا قدره 4 جنيهات.

وذات مرة مرضت الفنانة ميمي شكيب، بينما كانت الفرقة تستعد لعرض «استنى بختك»، ولم يكن أمام الريحاني سوى إلغاء العرض ورد ثمن التذاكر للجماهير المتعطشة لمشاهدة البطلة «ميمي شكيب»، لكن أحد أعضاء الفرقة وهو الملقن محمد لطفي، اقترح على الريحاني أن تكون نجوى بطلة العرض، وقد كان.

وبعد انتهاء عرض الليلة الأولى، توجهت نجوى سالم إلى نجيب الريحاني لتسأله عن رأيه في أدائها، فوجدته يمنحها عشرين جنيها مكافأة، كما أعطى عشرين جنيها أخرى للملقن محمد لطفي، لأنه اقترح أن تجسد الدور.

وشاركت بعدها في عدة عروض من بينها «لو كنت حليوة، مين يعاند ست، خليني أتبحبح، مع إيقاف التنفيذ، عشم إبليس، على عينك يا تاجر، كلام في سرك» وغيرها.

وفي تلك الفترة نشأت قصة حب بينها وبين الريحاني، الذي تزوج منها، كما خاضت أيضا تجربة العمل في السينما، وشاركت كضيفة شرف في فيلم «عايدة» العام 1942 من بطولة أم كلثوم وإبراهيم حمودة، وفيلم «أحلام الشباب»، و«غرام وانتقام»، و«ليلى بنت الفقراء»، وكان أشهر أدوارها السينمائية شخصية «سمحة» في فيلم «حسن ومرقص وكوهين».

وفي عام 1960 أشهرت إسلامها، ومن بعدها حافظت على أداء فرائض العبادة وتصاحب القرآن بصفة مستمرة.


وعندما توفيت والدتها عام 1966 مرت بحالة نفسية سيئة حاولت على إثرها التخلص من حياتها بالانتحار، لكن تم إنقاذها في اللحظات الأخيرة، وشاركت في العديد من الفعاليات الوطنية في العام 1970، عندما أنشأت فرقتها المسرحية الخاصة، خصصت أرباحها لصالح المجهود الحربي المصري، كما انتقلت بفرقتها على الجبهة وقدمت عروضا مسرحية للترفيه عن الجنود من تبعات العمليات القتالية، واستمرت في موقفها هذا بعد انتصار أكتوبر، فخصصت 70 مقعدا للضباط والجنود، وعملت على إلقاء تحية خاصة لهم بعد انتهاء كل عرض.

اقرأ أيضًا.. الرُميساء.. صحابية جليلة رآها النبي في الجنة


نالت نجوى سالم، درع القوات المسلحة عن دورها المعنوي خلال الحرب، وكرمت أيضا من الرئيس السادات في العام 1978، فخصصت مبلغ 200 جنيه من المكافأة التي نالتها، وتبرعت بها لمشروع «الوفاء والأمل» الذي يهتم بمصابي حرب أكتوبر، وفوجيء الجميع بارتدائها فستان زفاف لحظة تكريمها من رئيس الجمهورية وقالت عبارتها الشهيرة «النهارده زفافي، أنا اتجوزت الفن».

وتزوجت سرًا من الناقد الفني عبد الفتاح البارودي عام 1970، وعاشا معا 17 عاما حتى توفيت العام 1987، ودفنت بمقابر البساتين في القاهرة.

ads