السبت 18 مايو 2024 الموافق 10 ذو القعدة 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

الشاعرة ليلى الأخيلية.. فصيحة العرب التي عشقت ابن الحمير وقتلتها بومة سوداء

الخميس 10/نوفمبر/2022 - 04:03 م
الشاعرة ليلى الأخيلية
الشاعرة ليلى الأخيلية

لم تكن ليلى الأخيلية التي عرفت بجمالها العربي الأخاذ، وببهاء وجهها المضيء، شاعرة عربية كباقي شاعرات العرب، بل كانت شاعرة عربية فصيحة، ترامى شعرها في أرجاء الجزيرة العربية حتى أن الحجاج الثقفي لما سمعه، قال مقولته الشهيرة: "ما ينبغي أن يكون هذا الشعر إلا لشاعرة جمعت فصاحة العرب والعجم".







من هي الأخيلية



هي الشاعرة العربية الفصيحة ليلى بنت عبد الله بن الرحال بن شداد بن كعب الأخيلية من بني عقيل المضرية العدنانية، وهي فخذ من عامر بن صعصعة من هوازن، وعامر بن صعصعة هي مجموعة قبائل تنتمي لمضر، ولدت في نجد في العام الثاني عشر من الهجرة.



عرفت بجمالها الأخاذ وبياض وجهها المضيء، وقوة شخصيتها وفصاحتها التي قالوا عنها أنها أفصح نساء العرب، وعاصرت صدر الإسلام والعصر الأموي، عرفت بعشقها المتبادل مع توبة بن الحمير.



وتوبة بن الحمير هو ابن حزم بن خفاجة العقيلي العامري، وكان شاعرا من عشاق العرب من بني عامر بن صعصعة، اشتهر بعشقه لابنة عمه ليلى الأخيلية، وقد صنفه المؤرخين أنهما ثنائي حب عربي كعنترة وعبلة وكمجنون ليلى، حيث كان قد طلبها من والدها فرفض لاشتهار حبهما.



ومما زاد في ذيوع صيته وشهرته أن حبيبته ليلى كانت شاعرة بل لم يتقدم عليها من شاعرات العرب سوى الخنساء، وقد رثته ليلى بأشعار وجدانية عارمة، بينما أرجع بعض المؤرخين أن سبب الرفض أنه كان صعلوكا وكان صاحب إغارات ولصوصية وفتك، وكان يوجه الغارات غالبا على همدان وبني الحارث بن كعب، مع أن الشقة بعيدة بين موطنه وبينهما.






زواجها وشعرها



بعدما رفض ابوها زواجها من ابن الحمير، فزوجها لأبي الأذلع، ولكن زواجها لم يمنع توبة من زيارتها، فتظلم بنو الأذلع إلى السلطان الذي أهدر دم توبة، إذا عاود زيارة ليلى، فأخذوا يترصدون له في المكان المعتاد، وذات يوم علمت ليلى بمجيء توبة وخرجت للقائه سافرة وجلست في طريقه فاستغرب خروجها سافرة، ولكنه فطن أنها أرادت أن تعلمه عن كمين نصب له فأخذ فرسه وركض، وكانت ليلى هي السبب في نجاته.



ولكن الزواج لم يدم طويلا فقد طلقها أبي الأزلع لغيرته الشديدة من توبة، فزوجها أبوها من سوار بن أوفي القشيري والملقب بابن الحيا، وكان سوار شاعراً مخضرماً من الصحابة.



وبعد زواجها الثاني راحت ليلى تشعر وتتغزل في توبة، فاشتهرت بشعرها بين الأمراء والخلفاء، فحظيت بمكانة لائقة واحترام كبير، فأسمعت الخلفاء شعرها سواء كان من الرثاء أو المديح ونالت منهم الأعطيات والرغبات، وكان الشعراء يحتكمون إليها وكانت تفاضل بينهم في جودة الشعر.



ذات يوم وفدت ليلى على معاوية بن أبي سفيان ولديها عدة قصائد مدحته فيها، وقصيدة لها وصفت فيها ناقتها التي كانت تجوب الأرض لتصل إلى معاوية فيجود عليها من كرمه.



وسأل معاوية ذات يوم ليلى عن توبة العشيق إذ كان يصفه الناس بالجمال والشجاعة والكرم، فقالت:يا أمير المؤمنين سبط البنان، حديد اللسان، شجي للأقران، كريم المختبر، عفيف المئزر، جميل المنظر.



فقال معاوية وما قلت له ؟ قالت: قلت ولم أتعد الحق وعلمي فنه، فأعجب من وصفها وأمر لها بجائزة عظيمة واستنشدها المزيد.






ما حدث بين ليلى والحجاج الثقفي



كانت ليلى على علاقة بالحجاج الثقفي، وذات يوم دخلت على الحجاج، فوجدها امرأة طويلة دعجاء العينين، حسنة المشية والثغر، فسلّمت ورد عليها ورحب بها، وبعد جلوسها سألها عن سبب مجيئها فقالت للسلام على الأمير والقضاء لحقه والتعرض لمعروفه.



فقال لها وكيف خلفت قومك؟ قالت تركتهم في حال خصب وأمن ودعة، أما الخصب ففي الأموال والكلأ، وأما الأمن فقد أمنه الله عز وجل، وأما الدعة فقد خامرهم من خوفك ما أصلح بينهم. ثم قالت: ألا أنشدك؟ فقال: إذا شئت، فقالت:


أحــجاج لا يفـلل سلاحك إنما ... المنـايا بكـف الله حيث تراها

إذا هبـط الحجاج أرضاً مريضة ... تتبـع أقصـى دائـها فشفـاها

شفاها من الداء العضال الذي بها ... غـلام إذا هـز القنـا سقـاها

سقاها دمــاء المارقين وعلـها ... إذا جمحت يوماً وخفيـف أذاها

إذا سمـع الحجـاج صوت كتيبة ... أعـد لها قبـل النـزول قراها



فقال الحجاج: لله ما أشعرها وما ينبغي لهذا الشعر إلا عن شاعرة جمعت فصاحة العرب والعجم، وأمر لها بخمسمائة درهم، وخمسة أثواب وخمسة جِمال، وبعد خروجها قال لمن حوله: والله ما رأيت امرأة أفصح وأبلغ ولا أحسن إنشاداً منها.






وفاتها



أقبلت ليلى من سفر وأرادت أن تزور قبر توبة ذات يوم ومعها زوجها الذي كان يمنعها، ولكنها قالت: والله لا أبرح حتى أسلم على توبة، فلما رأى زوجها إصرارها تركها تفعل ما تشاء.



فوقفت أمام القبر وقالت: السلام عليك يا توبة، ثم قالت لقومها ما عرفت له كذبة، فلما سألوها عن ذلك قالت أليس هو القائل:


ولو أن ليلى الأخيلية سلمـت ... علـي ودوني تربـة وصـفائح

لسلمت تسليم البشاشة أوصاح ... إليها صدى من جانب القبر صائح

وأغبط من ليلى بمـا لا أنـالـه  ... ألا كل ما قرت به العين صالـح



فما باله لم يسلم علي كما قال؟، وكانت بجانب القبر بومة سوداء فلما رأت الهودج فزعت وطارت في وجه الجمل، الذي أدى إلى اضطرابه ورمى ليلى على رأسها وماتت في نفس الوقت ودفنت بجانب قبر توبة.




ads
ads