طرائف القوانين.. احذر إزعاج هذه الحيوانات وإلا تتعرض للمحاكمة

طرائف القوانين.. احذر إزعاج هذه الحيوانات وإلا تتعرض للمحاكمة.. تبدو بعض القوانين المتبعة لحماية عالم الحيوان وجيهة وذات مغزى، فيما بعضها يدعو للتساؤل عن غرائبية الموقف الذي دفع السلطات للاجتماع بجدية ووضع تشريع يخص سلوك غير مفهوم إلى هذه الدرجة متعلق بطائر أو حيوان ما.
طرائف القوانين.. احذر إزعاج هذه الحيوانات وإلا تتعرض للمحاكمة.. كافحت الجماعات والأفراد ومؤسسات المجتمع المدني على مدى أجيال من أجل الضغط على صانعي القرار بإصدار قوانين تحمي الحيوانات، وتشريعات تضمن عدم الإساءة إليها، فمنذ القرن الـ18 بدأت هذه الموجات لكن بصورة عامة، فالطفرة الحقيقية في هذا المجال حدثت في القرن الـ20 مع تبلور مفهوم الرفق بالحيوانات وتقنين حقوقها وواجبات الإنسان نحوها. لكن بما أن العالم قطع أشواطاً في التقدم بجميع المجالات، فأصبح من الطبيعي أن ينتقل الحديث إلى مستوى آخر متعلق برفاهية الحيوانات وتدليلها وإصدار تشريعات قد توصف بالغرائبية بناء على سلوكيات الطيور والحيوانات في البيئات المختلفة.
طرائف القوانين.. احذر إزعاج هذه الحيوانات وإلا تتعرض للمحاكمة.. ولهذا فعلى المواطنين أن يكونوا على علم ليس فقط بقواعد رعاية وحماية الحيوانات والطيور المهددة بالانقراض وحسن رعاية الحيوانات الأليفة والمنتشرة في البيئة البرية كذلك، إنما أيضاً بالتشريعات غير المألوفة التي يمكن أن توقع متجاوزيها في خانة مخالفة القانون، ليجد الشخص نفسه يحاكم بتهمة إزعاج البط، أو عدم تمشية الكلب، فالقائمة طويلة وتضم أيضاً الخيول والديوك، وحتى الخفاش والضفادع، فمجتمع الحيوانات حول العالم له محددات وشروط على الإنسان الالتزام بها في سبيل التعايش معها، بعضها طريف وشديد الغرابة أيضاً.
البط والديوك والذباب خارج "قفص" الاتهام
طرائف القوانين.. احذر إزعاج هذه الحيوانات وإلا تتعرض للمحاكمة.. إذا كنت تعيش في الريف الفرنسي فاحذر أن تشتكي من إزعاج صوت البط أو الديكة، وحتى إنه من غير المرحب أن تضرب بوق سيارتك في أثناء سير أسراب هذه الطيور الظريفة على الطريق، فتحكم في أعصابك مهما كنت متعجلاً قبل أن تصبح منبوذاً وربما معاقباً، فعلى رغم أن هذه الأمور لا ينص عليها القانون الفرنسي لحماية التراث الحسي والصوتي والثقافي بصورة مباشرة وصريحة، فإنها أشياء باتت معروفة بين من يعيشون في مناطق تنتشر فيها الطيور والحيوانات، كما أن القضاء قال كلمته بعدة أحكام نافذة صنفت على أنها تحمي قوانين البيئة لحماية الأصوات والروائح الطبيعية، بما في ذلك أصوات الضفادع والبط والإوز ونهيق الحمير كذلك، فإزعاج البط وتجاوزه والإساءة إليه يمكن أن يتضمن تفريقه بصورة عنيفة خلال سيره في أسراب أو مجموعات على الطريق لأن ذلك قد يؤدي إلى اصطدامات تعرضه للخطر.
طرائف القوانين.. احذر إزعاج هذه الحيوانات وإلا تتعرض للمحاكمة.. كذلك الشكوى من صوت نقنقته لا يعترف بها القانون الفرنسي، فقبل نحو ستة أعوام انتصر البط الفرنسي بين أروقة المحاكم، وذلك بعد نحو عام من تداول قضية اشتكى فيها الجيران في بلدة بجنوب غربي فرنسا من إزعاج البط في إحدى المزارع المجاورة، إذ إن صوته يقلق راحتهم ويمنعهم من الاستمتاع بأي نشاط، لكن قررت المحكمة عدم قتل الطيور، وبقاء الوضع على ما هو مع تشكيل لجنة لتقييم أصوات البط للتأكد من أن الضجيج طبيعي، ولا يخل بالنظام العام، وذلك وفق ما ذكرت صحيفة "الغارديان" وقتها.
طرائف القوانين.. احذر إزعاج هذه الحيوانات وإلا تتعرض للمحاكمة.. وقبلها كان جيران قد خسروا دعوى أخرى ضد ديك يصيح بصوت عال، بعد عامين من التداول في المحاكم الفرنسية كذلك، حيث أقر القاضي بأن يستمر الديك في الصياح، وتكررت شكاوى أخرى بعضها استمر التقاضي في شأنه مدة سبعة أعوام وأكثر، لتنتهي القصة بحكم لمصلحة الطيور والحيوانات، وبينها قضايا تتعلق بنقيق الضفادع وحتى أزيز حشرات الزيز شديدة الإزعاج، إذ قررت البلديات والمحاكم أن أصواتها طبيعية ويجب حمايتها ضمن حماية البيئة والتراث الصوتي.
لكن مع كل هذه الرأفة في التعامل حتى مع حشرة لا يتجاوز طولها الخمسة سنتيمترات، فإن فرنسا تغض الطرف عن التسمين القسري للبط والإوز بهدف استخراج الكبد منها، وصنع الطبق الفرنسي الشهير فو غرا الذي يعد أيضاً من تراث المطبخ الفرنسي، وذلك على رغم تصاعد الدعوات القضائية والمناشدات بوضع حد للمعاناة التي يكابدها الطير، وسط ظروف بيئية وصحية تثير القلق في هذه المزارع، إذ يتهم مربوها بممارسة التعذيب والقسوة ضدها، في وقت تحظر فيه دول أخرى إنتاج الفو غرا لهذه الأسباب وبينها إنجلترا.
حق العبور
في إنجلترا تتمتع بعض الطيور، بينها الإوز والبجع، في حق عبور الطريق، إذ إن لها الأولوية في الأماكن التي تنتشر فيها هذه التجمعات، خصوصاً أن سلوكها غير متوقع، ولا تمتلك حساسية ضد خطورة المرور في زحام السيارات بصحبة صغارها، فقد وضع قسم شرطة يوركشاير عبر موقعه الرسمي تحذيراً وتنبيهاً بخصوص قوانين عبور الطريق في حال وجود بجع أمام السائق، مطالبة بإبلاغ الشرطة في هذه الحال، لأن هذا الوضع يشكل خطراً على الحيوان ومستخدمي الطريق. ووفق نص بيان على الموقع الرسمي لقسم الشرطة، فإن "البجع البري الأبكم غير المميز ملك للدولة. بالتالي، فإن أخذ بجعة قد يعد سرقة، كما أن قتل أو إصابة بجعة قد يعد إتلافاً جنائياً أو جريمة تتعلق بالحياة البرية"، وأشار البيان إلى أنه جرت مقاضاة مرتكبي هذه الجرائم بنجاح في الأعوام الأخيرة.
ولهذا من الشائع أن تنظم مجموعات في بلدان تنتشر فيها تجمعات الطيور، مثل هامبشاير، لتنظيم حركة سير الأسراب على الطريق لحمايتهم من تهور بعض السائقين، إذ يدخلون في مهام تنظيم المرور، لأن البجع ينتشر في البحيرات المجاورة، ويتحرك للبحث عن العشب على جانب الطريق مما يتسبب في نفوقه.
بعض من تلك الاشتراطات تبدو في بلدان أخرى كأنها ضرب من الخيال، إذ إنه في ظل تدني أوضاع المعيشة نفسها فإن الإنسان قد لا يحصل على أدنى حقوقه الآدمية التي تقرها المواثيق، ومن ثم فإن الفجوة الكبيرة هنا تبدو للبعض نوعاً من المبالغة التي تجلب الفكاهة أو السخرية، ولآخرين مأسوية في بعض الأحيان، فالمقارنة هنا لا تمنع على الحيوانات رفاههم بقدر ما تستدعي النظر إلى أسباب حرمان بعض المجتمعات الإنسانية من أبسط قواعد المراعاة.
لكن في كل الأحوال فإنه لا بأس من أن يجد الحيوان، هذا الكائن الضعيف الذي اقتحم عليه الإنسان بيئته وحاول ترويضه، وإخضاعه لقوانينه، فرصة ليتدلل، وهنا على الإنسان أن يحذر ما يمكن أن يتعرض له في حال جهله بالقواعد المنظمة للعلاقة بينه وبين الحيوان.
وفي ما يتعلق بأولوية المرور فإن القوانين تبدو مثالية تماماً، لكنها أيضاً في حاجة إلى اطلاع دائم على خباياها، فمهما كان السائق متمرساً فقد لا يتمكن من الالتزام لظروف كثيرة، وكل بلد يفعل ما بوسعه من خلال التوعية بالقوانين وبنشر التعليمات على الطرق بصورة واضحة، فيما لم تكتف اليابان مثلاً بتأكيد أن السلاحف محمية بموجب القوانين والمواثيق، وأن تعريضها للأذى بصورة متعمدة يعرض مرتكب الفعل للعقاب، لكنها أنشأت أنفاقاً خاصة بالسلاحف على جوانب السكك الحديد، للتقليل من نفوقها بسبب القطارات، وجرى تزويد هذه الأنفاق بظروف ملائمة وتهوية لتشجيع الحيوان المنتشر في البيئة هناك على اللجوء إليها، وهي تشبه تلك الطرق التي أنشئت في نيوزيلندا لعبور البطاريق التي تسير في أسراب في السماء، إذ تنشط الشرطة المرورية في وضع اللافتات التي تحذر من التضييق على البطاريق خلال عبورهم، لا سيما الصغار، فتجاوز قوانين البطاريق أمر غير مسموح، ولهذا العقوبة لا تتأخر.