من الملكة الأم إلى المنفى.. محطات مثيرة في حياة «نازلي صبري» والدة فاروق

تحل اليوم الذكرى الـ131 لميلاد الملكة نازلي صبري، والدة الملك فاروق، إحدى أبرز شخصيات القصر الملكي في مصر الحديثة، والتي وُلدت في 25 يونيو 1894. امتدت رحلتها من بلاط الطبقة الأرستقراطية إلى قمة السلطة الملكية، ثم إلى منفى مليء بالجدل والقرارات الصادمة، لترسم سيرة إنسانية وسياسية لا تزال محل جدل حتى يومنا هذا.
من عائلة النخبة إلى عرش مصر
تنتمي نازلي إلى واحدة من أعرق العائلات المصرية، فوالدها هو عبد الرحيم باشا صبري، وزير الزراعة الأسبق، ووالدتها توفيقة هانم، حفيدة سليمان باشا الفرنساوي، أحد مؤسسي الجيش المصري في عهد محمد علي.
هذا النسب الرفيع مهّد لها الطريق لدخول القصر الملكي، حيث تزوجت من السلطان أحمد فؤاد الأول، الذي أصبح لاحقًا ملك مصر بعد إعلان المملكة في عام 1922، لتُتوج معه كأول ملكة على عرش مصر في العصر الحديث.
ملكة بأناقة أوروبية وشخصية نافذة
تميزت الملكة نازلي بذوقها الأوروبي العصري وثقافتها الرفيعة، إذ تلقت تعليمها في مدارس فرنسية وسافرت إلى باريس في شبابها. ظهرت دائمًا في المناسبات العامة بلمسة ملكية لافتة، وكانت تدير شؤون القصر الملكي بكفاءة وحزم.
بعد وفاة الملك فؤاد عام 1936، لم تنسحب نازلي من المشهد، بل لعبت دورًا محوريًا في تحضير ابنها الملك فاروق لتولي الحكم، وفرضت حضورها كـ"الملكة الأم"، شخصية ذات نفوذ خفي خلف الستار.
الخلاف مع فاروق.. من السلطة إلى القطيعة
رغم العلاقات الوطيدة في البداية، دخلت الملكة نازلي في صدامات متصاعدة مع نجلها الملك فاروق في الأربعينيات، وصلت إلى ذروتها عندما سافرت إلى الولايات المتحدة برفقة ابنتها فتحية، التي ارتبطت بعلاقة وزواج من موظف القنصلية رياض غالي، وهو مسيحي الديانة.
اعتبر فاروق هذا الزواج "فضيحة ملكية" تتعارض مع البروتوكولات والتقاليد، فقرر سحب الألقاب الملكية من والدته وشقيقته، وصادر ممتلكاتهما بالكامل، لتنقطع بذلك صلة الملكة السابقة بوطنها، في واحدة من أكثر القطيعات إثارة في تاريخ الأسر المالكة.
نهاية مأساوية في المنفى
عاشت نازلي بقية حياتها في منفى أمريكي صامت، وسط ظروف مالية صعبة، وبعد أن غيّرت ديانتها، ودُفنت في كنيسة بمدينة لوس أنجلوس عام 1978، دون مراسم ملكية أو اهتمام رسمي، لتنتهي مسيرتها التي بدأت من عرش مصر إلى منفى غريب ومؤلم.
إرث جدلي.. ملكة فوق العادة
لا تزال سيرة الملكة نازلي مثار نقاش بين المؤرخين والمهتمين بتاريخ مصر الحديث؛ فبين من يراها سيدة متمردة حاولت التحرر من سطوة العرش والتقاليد، ومن يعتبرها شخصية طموحة دفعت ثمن اختياراتها الشخصية، تبقى نازلي واحدة من أكثر النساء إثارة للجدل في تاريخ الأسرة العلوية.