رئيس مجلس الأدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند أبو ضيف
هير نيوز هير نيوز
رئيس مجلس الأدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند أبو ضيف

بقلم أصيل الجعيد: السياسة في حياتنا اليومية

هير نيوز

بقلم أصيل الجعيد: السياسة في حياتنا اليومية.. حين نسمع كلمة سياسة يتبادر إلى أذهاننا الحكومات والمجالس والانتخابات وصراعات المصالح العليا. لكن الحقيقة أن السياسة ليست محصورة في دهاليز السلطة، بل هي حاضرة في تفاصيل حياتنا اليومية أكثر مما نتخيل فكل قرار نتخذه فيه تفاوض، كل موقف نواجهه فيه موازنة بين مصلحة وأخرى، وكل علاقة نخوضها تتطلب فن الإدارة والتأثير، وهي باختصار جوهر السياسة.

بقلم أصيل الجعيد: السياسة في حياتنا اليومية.. في العمل مثلاً حين نتعامل مع زملاء مختلفي الرؤى أو شخصيات معقدة نمارس نوعاً من السياسة حين نحاول إقناع الإدارة بمشروع ما أو نحمي أنفسنا من هجوم غير مباشر نستخدم أدوات سياسية دون أن نسميها، كذلك التوقيت واختيار الكلمات وفهم الخارطة الذهنية للمحيط كلها مهارات سياسية.

بقلم أصيل الجعيد: السياسة في حياتنا اليومية.. في الأسرة، أيضاً حين نريد تمرير قرار دون خلق نزاع أو نحاول جمع أفراد مختلفي الطباع على طاولة واحدة نكون قد استخدمنا الفهم السياسي للحالة الاجتماعية الأقرب إلينا.

بقلم أصيل الجعيد: السياسة في حياتنا اليومية.. الدول التي فهمت هذه الفلسفة ووسعت مفهوم السياسة ليشمل المهارات الحياتية والتعليمية والثقافية خلقت مجتمعات أكثر وعياً وقدرة على حل النزاعات داخلياً وخارجياً، ففي فنلندا مثلاً تدرس المدارس للأطفال مهارات حل النزاعات والتفاوض واحترام الرأي المختلف وهي مفاهيم سياسية جوهرها التعايش،

وفي سنغافورة استطاعت الحكومة أن تزرع في ثقافة المجتمع فكرة «السياسة الذكية» أي جعل الفرد يفكر كرجل دولة عند اتخاذ قراراته اليومية، مما انعكس على سلوك الناس في الشارع، وفي العمل وحتى في علاقتهم بالوقت والنظافة والاقتصاد الشخصي.

بقلم أصيل الجعيد: السياسة في حياتنا اليومية.. الولايات المتحدة مثلاً حين تطلق برنامجاً مثل «Town Hall Meetings»، فهي لا تريد فقط الاستماع إلى الناس بل تدريبهم على التعبير عن الرأي وصياغة خطاب مقنع، وهي عملية سياسية مدنية تعزز الثقة بين المواطن والدولة وتخلق وعياً بالمصالح المتبادلة.

في حياتنا نحن العرب لا يزال البعض ينظر إلى السياسة كشر لا بد من تجنبه أو كمساحة مليئة بالمؤامرات، وهذا الفهم السلبي جعلنا نبتعد عن التفكير الاستراتيجي ونخشى اتخاذ مواقف أو التعبير عن مصالحنا بشكل متزن رغم أن الدين الإسلامي نفسه علمنا فنون السياسة في قصة الهجرة والمهادنة وفي مواقف النبي، صلى الله عليه وسلم، مع القبائل ومع الأعداء ومع الصحابة، فكلها دروس سياسية أخلاقية يمكن أن نبني عليها نمط حياتنا اليومي.

باختصار السياسة ليست فقط لعبة الكبار، ولا هي معادلات دولية معقدة، إنها ببساطة فن ترتيب المصالح دون خسارة القيم وهي المهارة التي نحتاجها اليوم في ظل زحام الآراء وتسارع التغيرات، وبها نستطيع أن نحافظ على استقرارنا الشخصي، ونوسع تأثيرنا الاجتماعي، ونسهم في بناء بيئة مدنية أكثر نضجًا وتفاهمًا.

حين ندرك ذلك سنبدأ نمارس السياسة يوميًا بابتسامة حكيمة وصمت مدروس ورد موزون وسؤال صادق وموقف شجاع وسنكتشف أننا سياسيون بالفطرة، ولكننا كنا نبحث عن اسم آخر لما نفعله.

نقلا عن الوطن السعودية

تم نسخ الرابط