بقلم هناء العلوني: بين المهارة والعقلية لاعبنا يحتاج أكثر من ملعب

هل يكفي أن تملك قدماً ذهبية لتكون نجما؟
الحقيقة أن الملعب وحده لا يصنع أسطورة، بل العقلية هي «اللاعب الخفي» الذي يحسم المباريات ويطيل عمر النجومية.
في رياضتنا، التركيز منصبّ على الجانب البدني والمهاري: لياقة، تكتيك، خطط، أجهزة حديثة، ومعسكرات خارجية. كل شيء محسوب بدقة على مستوى الجسد، كذلك على مستوى العقود «مهتمون بالنواحي المالية جداً». لكن ماذا عن العقل؟ عن التعامل مع الضغوط؟ عن الوعي والثقافة؟ هنا تكمن الفجوة.
كم من لاعب خطف الأضواء في بدايته ثم اختفى مع أول هبوط في المستوى أو أول تصريح انفعالي! ليس لأن موهبته اختفت، بل لأن أدواته الذهنية لم تُصقل. اللاعب لدينا يُترك ليواجه الإعلام والجماهير ومواقع التواصل وحده، فيسقط بسرعة أمام أول عاصفة. وللأمانة، لا ألومه، فالموهبة لا تكفي إذا لم تجد من يوجّهها ويحصّنها.
في المقابل، التجارب العالمية تعطينا دروساً لا تُقدّر بثمن. هناك، يُعامل اللاعب كإنسان قبل أن يكون مجرد رقم في قائمة الفريق. مدربون نفسيون، مستشارون إعلاميون، برامج تثقيفية، وحتى حصص خاصة في القيادة وصناعة القرار. النتيجة: لاعب يملك المهارة والعقلية معاً، نجم يواجه الضغوط بابتسامة ويعرف كيف يحافظ على صورته ونجوميته. والأمثلة كثيرة للاعبين عالميين ربما لم يكونوا الأكثر مهارة، لكنهم كانوا الأكثر التزاماً ووعياً، فبقوا سنوات في القمة.
اليوم، أجد نفسي كأم أقوم بدور المدرب النفسي مع ابني الصغير المهتم بالرياضة، أحاول أن أزرع فيه الثقة، وأعلمه كيف يتعامل مع الفوز والخسارة، وكيف يواجه المواقف الصعبة. أحاول أن أوضح له أن الخسارة ليست نهاية العالم، وأن النقد ليس حكماً بالإعدام على موهبته. لكن الحقيقة أن هذا الجهد لا تستطيع كل الأسر أن تقوم به، ولا يجب أن يكون الحل بيد الأسرة وحدها.
المطلوب أن تكون لدينا منظومة متكاملة داخل الأندية والاتحادات، تهتم باللاعب كإنسان أولاً: تُعده نفسياً، وتثقف عقليته، وتدربه على مواجهة الإعلام، وتعلمه أن الضغط جزء من اللعبة لا عدو لها. عندها فقط سنصنع نجوماً يبقون، لا أسماء تختفي سريعاً من ذاكرة المدرجات.
الكرة تصنعك لاعباً، لكن الثقافة والنفسية تصنعك قائداً.
الموهبة قد ترفعك للأضواء، لكن العقلية وحدها تبقيك في القمة.