أبو الغيط: الإعلام العربي خط الدفاع الأول ضد التطرف وسرديات التضليل
ألقى معالي السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، كلمة في الجلسة العادية الخامسة والخمسين لمجلس وزراء الإعلام العرب، التي عُقدت في الأمانة العامة للجامعة بتاريخ 26 نوفمبر 2025.
واستهلّ أبو الغيط كلمته بالترحيب بمعالي السيد حمزة المصطفى، وزير الإعلام في الجمهورية العربية السورية، وبالحضور الكريم، مؤكداً اعتزازه بانعقاد المجلس في “بيت العرب” في الذكرى الثمانين لتأسيس الجامعة. وهنّأ سوريا على تولّيها رئاسة الدورة الجديدة، موجهاً الشكر إلى مملكة البحرين على إدارتها المتميزة للدورة السابقة.
وأشار الأمين العام إلى أن المشهد الإعلامي العالمي والعربي يشهد تحولات غير مسبوقة، سواء بفعل التطور التكنولوجي الذي أفرز أشكالاً جديدة من المحتوى، أو نتيجة ظهور جيل جديد بميول مختلفة واهتمامات غير تقليدية. وشدّد على أن التغيير ليس شراً كله، لكنه يتطلب مرونة في التكيف دون جمود.
وأوضح أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت مصدراً متزايداً للمشكلات حتى في الدول التي ترسخت فيها حرية التعبير، إذ تعتمد – بحكم تصميمها وربحيتها – على نشر الآراء المتطرفة والمثيرة، مما يؤدي إلى زيادة الاستقطاب وترسيخ الفقاعات المعلوماتية الضيقة التي لا يسمع فيها الفرد إلا صدى صوته.

وأكد أبو الغيط أن الإعلام العربي يواجه ضغطاً متواصلاً لمواكبة هذا الواقع، من خلال تقديم معلومات موثوقة وآراء تستند إلى البيانات والخبرة، خصوصاً أن المصداقية والتدقيق هما ما تفتقر إليه منصات التواصل في الأغلب.
وشدد على ضرورة بقاء الإعلام العربي بعيداً عن الاستقطاب الطائفي أو الديني، وأن يكون ولاؤه للقارئ والمشاهد فقط، ملتزماً بميثاق الشرف الإعلامي الذي يشكل بوصلة مهنية وأخلاقية تعزز الثقة مع الجمهور.
وبيّن أن الإعلام يلعب دوراً محورياً في مواجهة الفكر المتطرف وكشف خطاب العنف وتفكيك سردية الإرهاب، مشيراً إلى أهمية الاستراتيجية الإعلامية العربية لمكافحة الإرهاب في هذا السياق.
وتناول أبو الغيط الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030 التي أقرتها القمة العربية في الظهران عام 2018، مؤكداً أنها تمثل إطاراً مهماً لدعم جهود التنمية في المجالات التعليمية والصحية والبيئية. واعتبر أن هذه الخريطة تعد خطوة جوهرية في مسار تنفيذ الرؤية العربية للتنمية المستدامة 2045 التي اعتمدتها القمة العربية في بغداد خلال العام الحالي.

وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أكد أبو الغيط أنها تعيش واحدة من أشد مراحلها قسوة بعد الحرب التي أوقعت أكثر من 69 ألف شهيد في غزة ودماراً هائلاً جعل القطاع غير قابل للحياة بفعل الاحتلال الإسرائيلي.
وقال إن الإعلام العربي تفاعل مع مأساة غزة، إلا أن هناك الكثير مما يمكن عمله لتعزيز التواصل مع الحركة العالمية التي تدافع عن الفلسطينيين، خاصة لدى الجيل الجديد حول العالم الباحث عن الحقيقة بعيداً عن الروايات المضللة التي رُوّجت لعقود لصالح الاحتلال. وشدّد على أن صور أطفال غزة وما تعرضوا له لا تحتاج إلى تفسير، وأن التضليل لم يعد يجدي معها.
ودعا إلى مخاطبة العالم بلغاته وبناء جسور ثقة مع الأجيال الجديدة، والتصدي للسردية الإسرائيلية التي تقوم غالباً على نصف الحقيقة أو على التزييف الكامل. وأكد أن اللحظة الراهنة تمثل فرصة مهمة لأن هناك آذاناً باتت أكثر استعداداً لسماع الصوت الفلسطيني والعربي.
كما شدد على ضرورة تفعيل خطة التحرك الإعلامي العربي في الخارج، خصوصاً في الفضاء الرقمي الذي احتضن أغلب الأصوات العالمية المتضامنة مع فلسطين حتى قبل أن تمنحها بعض وسائل الإعلام الرسمية مساحة كافية.

وفي ختام كلمته، تمنى أبو الغيط النجاح لأعمال الدورة، آملاً أن تشكل خطوة جديدة في تعزيز ثقة الجمهور بالإعلام العربي ورفع وعيه.