الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

«خطبة الجمعة»: التهرب من سداد مستحقات الدولة يُعد انتهاكًا للمال العام

الجمعة 30/يوليه/2021 - 01:09 م
هير نيوز

تدور خطبة الجمعة، اليوم، كما قررتها وزارة الأوقاف حول مخاطر استباحة المال العام والحق العام.


وتنشر «هير نيوز» نص الخطبة خلال السطور التالية كما يلي:


إن من نعم الله العظيمة على عباده نعمة المال، قال تعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)[الكهف: ٤٦]، وقال تعالى مُمتنَّاً على نبيِّه بهذه النعمة: (وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى)[الضحى:٨].


فالمال نعمة عظيمة وذلك حينما يستخدمه الإنسان في طاعة الله جل وعلا، وقد جُبِلت النفوس على حب المال، قال تعالى: (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا)[الفجر: ٢٠] وروى البخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب" وروى عن أنس ابن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يكبر ابن آدم ويكبر معه اثنان: حب المال وطول العمر".


ولكن هذا الحب للمال ينبغي ألا يجعل الإنسان عبداً للمال فقد ذم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم عبدَ المال الذي إذا أُعطي رضي، وإن لم يُعط سخط، قال تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ) [ التوبة: ٥٨].


وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تعس عبد الدينار، والدرهم، والقطيفة، والخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يرض".


المال نعمة ونقمة

ينبغي على كل إنسان أن يعلم أنه سَيُسأل يوم القيامة على هذا المال من أين اكتسبه وفيم أنفقه قال تعالى (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) [التكاثر :٨]. وروى الترمذي في سننه من حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه". فاتقوا الله عباد الله، وانظروا فيما يدخل عليكم من الأموال، وأين تضعون هذه الأموال؛ فإنكم مسئولون عنها بين يدي العزيز الغفار، مسئولون عن الدقيق والجليل والصغير والكبير، ولا يحسبن أحدكم أن شيئًا من المال الحرام هو مغفولٌ عنه؛ فإن الله تعالى قال: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه) [الزلزلة:٧]


واعلموا أن المال كما أنه نعمة قد يكون كذلك نقمة ولِمَا لا يكون نقمة وهو فتنة. بل من أعظم الفتن قال تعالى: (إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [التغابن :١٥]


فتنة المال

وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فقال ( إن لكل أمة فتنة وإن فتنة أمتي المال) ، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم لا يخشى على أصحابه الفقر، فقال لهم (والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تفتح عليكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم) أي تنشغلون بالدنيا وبالأموال، فتفتنون، فيصيبكم ما أصاب الأمم من قبلكم.


فوالله ما فسدت القيم، وساءت الأخلاق، وسفكت الدماء، وتجرأ المسلم على أخيه المسلم إلا بسبب التنافس على الدنيا وأموالها بالباطل، ونسيان الآخرة بما فيها.


فمن أشد الفتن خطرًا على المؤمن وأكبرها ضررًا على الفرد والجماعة فتنة المال فإن المال حُلوة خَضِرة؛ ولذلك حذر الله عباده من فتنة المال فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ)[المنافقون :٩] وقال جل في علاه:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)[الأنفال :٢٧-٢٨]


وإنه من المؤسف أننا نرى في زماننا هذا من لا ينتبه لهذا الأمر فيريد أن يجمع المال من أي مصدر كان لا يبالي من حلال أم من حرام فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وهذا ما أخبر به صلى الله عليه وسلم كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ” يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يُبَالى الْمَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ أَمِنَ الْحَلَالِ أَمْ مِنْ الْحَرَامِ“ رواه البخاري.



ينقسم المال من حيث الملكية إلى قسمين:

المال عام وخاص

المال الخاص ما كان مملوكا لفرد بعينه،أما المال العام ما كان ملكا للجميع. هو المال المملوك للأمة كلها، كالموارد والشركات والمؤسسات والمباني والطرق والمدارس والجامعات ووسائل المواصلات، وما يشمل النقود والأراضي والمصانع، والانتفاع بهذه الأموال والممتلكات حق للأمة كلها، وليست خاصة بأحد، ومن يتولى أمرها لا يُعد مالكاً لها، وليس من حقه التصرف المطلق فيها، بل هو أجير أو مؤتمن عليها أو حافظ لها، وعليه أن يديرها وفق القواعد.


ولقد حرم الله جل وعلا الاعتداء على المال بنوعيه الخاص والعام.


ولكن المال العام حرمته كبيرة، وحمايته عظيمة؛ بموجب الشرع الحنيف، وهو أشد في حرمته من المال الخاص؛ لكثرة الحقوق المتعلقة به، وتعدد الذمم المالكة له، وقد أنزله عمر بن الخطاب منزلة مال اليتيم الذي تجب رعايته وتنميته، وحرمة أخذه والتفريط فيه عندما، قال: "إني أنزلتُ نفسي مِن مال الله منزلةَ اليتيم".


والله تعالى يقول: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) [النساء: ١٠.


صور الاعتداء على المال العام

من المُؤسف أنك ترى كثيرا من الناسُ لا يَرْقُبُونَ في المالِ العامِّ، وهو مَالٌ تَعَلَّقَت به جميعُ ذِمَمِ المُسلمينَ، لا يَرْقُبُونَ في هذا المَالِ العامِّ إلًّا وَلَا ذِمَّةً وَلَا يُرَاعُونَهُ بحالٍ أبدًا، فيقومون بالاعتداء عليه واستباحته وذلك من خلال صور عديدة سنذكر بعضا منها لعلنا ننتبه قبل فوات الأوان.


فمنها على سبيل المثال :- تخريب المنشآت العامة كالمدارس والحدائق والمستشفيات والمساجد وغير ذلك والاعتداء عليها من خلال تشويه منظرها بالكتابة عليها، أو كسر النوافذ الزجاجية منها، أو إتلاف ما بها هذا من جانب الأفراد في المجتمع؛  وإن من ينظر إلى كثير من الممتلكات العامة يجد الإهمال والتسيب والاعتداء واضحاً على معالمها؛ فكثير من الناس لا يحافظون على نظافتها ولا أدواتها، ولا الطرق الصحيحة للاستفادة منها، ولا يقومون بإصلاح ما تلف أو تعطل منها، أو رفع ذلك إلى الجهات المسئولة عنها.


ومن صور استباحة المال العام والاعتداء عليه : السرقة منه والاختلاس والرشوة والاستفادة منه دون وجه حق، وقد حذر الدين من هذا الأمر؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ"


ومعنى الحديث: من جعلناه على عمل وأعطيناه على ذلك مالاً، فلا يحل له أن يأخذ شيئاً بعد ذلك، فإن أخذ فهو غلول، والغلول هو الخيانة والاختلاس من أموال المسلمين، وقال تعالى: (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [آل عمران١٦١ ]. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: (لعن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - الراشي والمرتشي)


ومن صور استباحة المال العام والاعتداء عليه :- التهرب من سداد مستحقات الوزارات والجهات والهيئات والمؤسسات المملوكة للدولة هو في حكم سرقة المال العام، بل هو سرقة حقيقية وفعلية له، فسرقة الخدمات لا تختلف عن سرقة الأموال والسطو عليها، لأن الخدمات في الحقيقة هي مقومة بمال، فمن يسرق الكهرباء، أو يسرق المياه، أو يتهرب من سداد أية أموال مستحقة عليه للدولة، كمن يسرق المال سواء بسواء، كما أن من يتحايل على صرف ما لا يستحق كمن يقوم بتزوير بعض الأوراق للحصول على دعم لا يستحقه آكلٌ للسحت، لأنه يأخذ ما لا حق له فيه، ويستوي مع هؤلاء في الإثم والمعصية من يعينهم على ذلك أو يغض الطرف عنه، أو يتقاعس عن وضع الأمور في نصابها.


الصحابة والحفاظ على المال

وهناك العديد من صور استباحة المال العام والاعتداء عليه ولكن حتى لا أطيل على حضراتكم أدعوكم لنرجع إلى الوراء لنذكر صورا ونماذج مشرقة لسلفنا الصالح رضوان الله عليهم أجمعين ونرى كيف كان ورعهم وخوفهم وحرصهم على المال العام ، فقد كان بعض الصحابة والتابعين وأتباعهم من الزهاد يتركون بعض الحلال مخافة أن تكون فيه شبهة حرام، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ، لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ».


من هذه النماذج سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه :-

فقد مرض رضي الله عنه يومًا، فوصفوا له العسل كدواء، وكان بيت المال به عسلًا، جاء من بعض البلاد المفتوحة، فلم يتداوى عمر بالعسل كما نصحه الأطباء، حتى جمع الناس وصعد المنبر واستأذن الناس: إن أذنتم لي، وإلا فهو على حرام. فبكى الناس إشفاقًا عليه، وأذنوا له جميعًا، ومضى بعضهم يقول لبعض: لله درك يا عمر، لقد أتعبت الخلفاء بعدك.


وذات يوم خرج رضي الله عنه في يوم شديد الحرارة يجري مهرولا لا يلتفت لأحد وكأنه لا يري إلا الوصول إلى مراده وهدفه فقط دون أن يعبأ حتى بمن ينادون عليه.


وأثناء انطلاق فاروق الأمة لمحه ذا النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه فسأل خادمه: من هناك يجرى هكذا؟! قال الخادم: إنه أمير المؤمنين عمر فنادى عليه عثمان: يا أميرا لمؤمنين.. يا أمير المؤمنين.. لم تجري هكذا؟! فرد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لقد شرد بعير من بعير الصدقة وهنا تدخل سيدنا عثمان مخاطبا ابن الخطاب: تعال يا أمير المؤمنين إلى الظل وتناول كوبا من الماء البارد وسأرسل خادمي وراءها.


ولكن الفاروق عمر لم يستمع لمطلب سيدنا عثمان بل علي العكس رد قائلا بكل خوف ووجل: دعني يا عثمان فأنا من سأسأل عنها أمام الله... ثم تابع سعيه وراء الدابة .


الفاروق عمر خلع رداء الخلافة وهرع وراء الدابة بنفسه خوفا من يوم الحساب وحفاظا على المال العام.


أرسل رضي الله عنه إلى عبد الرحمن بن عوف يستسلفه أربعمائة درهم، فقال عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين أتستسلفني وعندك بيت المال، ألا تأخذ منه ثم تردّه ؟. فقال عمر: إني أتخوّف أن يصيبني قدري، فتقول أنت وأصحابك: أتركوا هذا لأمير المؤمنين؟. حتى يؤخذ من ميزاني يوم القيامة، ولكني أتسلّفها منك فإذا متّ جئت فاستوفيتها من ميراثي .


وهذا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : كان إذا جاء وزرائه ليلاً ليتحدثوا في أمور المسلمين أوقد لهم شمعة يستضيئوا بها؛ فإذا أكملوا حديثهم، وجلسوا يتسامرون أطفأها، وأوقد سراجه، فيسألونه لما فعل ذلك ، قال: هذه الشمعة من بيت مال المسلمين، وكنا نتحدث في مصالحهم، أما وقد فرغنا من ذلك أوقدت سراجي، وجاءوا له بزكاة المسك، فوضع يده على أنفه حتى لا يشتم رائحته، ورعاً عن المال العام، فقالوا: يا أمير المؤمنين إنما هي رائحة؛ فقال: وهل يستفاد منه إلا برائحته.


الله أكبر؛ فأين من نظر للمال العام بأنه غنيمة باردة، فأخذ ينهب منها بغير حساب.


ألا يخاف الله؟


قال تعالى: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) [آل عمران: ٣٠].


رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: "خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلاَ وَرِقًا، غَنِمْنَا الْمَتَاعَ وَالطَّعَامَ وَالثِّيَابَ، ثُمَّ انْطَلَقْنا إِلَى الْوَادِي، وَمَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- عَبْدٌ لَهُ، وَهَبَهُ لَهُ رَجُلٌ مِنْ جُذَامٍ يُدْعَى رِفاعَةَ بْنَ زَيْدٍ مِنْ بَنِي الضُّبَيْبِ، فَلَمَّا نَزَلْنَا الْوَادِيَ، قَامَ عَبْدُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَحُلُّ رَحْلَهُ، فَرُمِيَ بِسَهْمٍ، فَكَانَ فِيهِ حَتْفُهُ، فَقُلْنا: هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "كَلاَّ! وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ لَتَلْتَهِبُ عَلَيْهِ نَارًا أَخَذَهَا مِنَ الْغَنَائِمِ يَوْمَ خَيْبَرَ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ"، قَالَ: فَفَزِعَ النَّاسُ، فَجَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ، أَوْ شِرَاكَيْنِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَصَبْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ، أَوْ شِرَاكَانِ من نار..


إن اختلاسه وأخذه من المال العام هذا الشيء اليسير قبل أن يوزع على المسلمين مع جهاده وشرف صحبته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يشفع له عند الله؛ فكيف بمن يعبث ويسرق ويختلس الأموال والعقار.


فاتقوا الله عباد الله وأعدوا للسؤال جوابًا، واحرصوا على طيب الكسب؛ فإن طيب الكسب ولو كان قليلًا يدرك به الإنسان من الخير والبركة والنفع ما لا يدركه بالمال الكثير، ولا يغرنكم كثرة الهالكين؛ انتَبِهوا من غفلاتكم، وهبُّوا من رَقداتكم، وحاسِبوا أنفُسَكم قبل أنْ تُحاسَبوا، الكيِّس مَن دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاقل مَن فكَّر في عاجله وآجله، ونصَح لنفسه. فالخير كل الخير في محاسبة النفس، والشر كل الشر في الهوى، والسعي خلف النفس الأمّارة بالسوء.


اقرأ أيضًا.. 

نص خطبة الجمعة : ضاع الأبناء بين أبٍ لا يعلم شيئاً عن أحوالهم وبين مدرس خان الأمانة


أسأل الله تعالى أن يرزقنا الحلال وأن يبارك لنا فيه وأن يجنبنا الحرام وأن يباعد بيننا وبينه بُعْدَ المشرقين والمغربين.

ads