الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

الزواج المبكر اعتداء جسدي ونفسي على الفتاة

الثلاثاء 05/أكتوبر/2021 - 04:52 ص
هير نيوز

فتيات في مقتبل أعمارهن لا يشغلهن سوى المرح واللعب، يبدأن في استيعاب الحياة ويضعن خططًا لأحلامهن في المستقبل فيكون شغلهن الشاغل العيش بسلام وسط أحلامهن البريئة التي لا تكون في حسابات أهلهن، الذين يشغلهم فقط كيفية التخلص منهن ومن مسئولياتهن بالقضاء على أحلامهن البريئة وذلك بارتكاب جريمة بشعة بحق طفولتهن ألا وهي الزواج المبكر. بالرغم من أن هذا النوع من الزواج المبكر للقاصرات يعد وحشًا يقضي على براءة الفتيات ولصًا يسرق فرحتهن بطفولتهن ويسلب منهن كافة حقوقهن القانونية التي يجب أن تتمتع بها كل فتاة بعد الزواج.

يعد الزواج المبكر ظاهرة منتشرة جدا في مصر، وتشير الإحصائيات الرسمية من واقع المسح السكانى لعام 2005 إلى أن 14% من الزوجات هن أطفال تقل أعمارهن دون الـ15 عامًا، وتضيف نفس الإحصائيات إلى أنه حتى وقت قريب كان هناك 300 حالة زواج مبكر تجري يوميا وتسجل بالشهر العقارى ويرتفع هذا الرقم إلى 500 حالة فى فصل الصيف بسبب ما يسمى بالزواج السياحي.

ذكر في هذا السياق د. محمد السيد أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن الزواج المبكر ظاهرة قديمة تعود إلى الموروث الثقافي للريف المصري، والذي لا يزال راسخًا بالرغم من تحضر مصر بنسبة كبيرة آخر 40 سنة، بحيث أصبح سكان الحضر هم الأغلبية وتغيرت العديد من المفاهيم حيث أصبحت المرأة تصل إلى كل المراحل التعليمية وتعمل أيضًا في مختلف المجالات. وأشار "السيد" في تصريحات خاصة لـ«هير نيوز»، إلى أن المجتمع الغربي يعد الزواج المبكر للمراهقات بمثابة إتجار بالبشر، لما يمثله من اعتداء على البنت نفسيًا وجسديًا، ويحرمها من التمتع من الفترة العمرية الجديدة التي كانت ستبدأها سواء بالتحاقها بالجامعة أو سوق العمل، ويضعها في ضغط الزواج المبكر. وأكد أن الزواج المبكر يعد مشكلة اجتماعية مركبة، يترتب عليها مشاكل أخرى مثل التفكك الأسري والطلاق التي تتصدر مصر المركز الأول عالميًا فيه، بالإضافة إلى ظاهرة الأطفال المشردين التي ملأت الشوارع المصرية. وأشار إلى أن حل هذه المشكلة يبدأ بتغيير منظومة العادات والتقاليد والأعراف وتوعية الأهالي، وأردف قائلًا " لا يقتصر الموضوع على الريف، فهناك أشخاص يعيشون في الحضر لكنهم زوجوا بناتهن في عمر مبكر، في ذات الوقت الذي ألح فيه على دور مؤسسات المجتمع المدني في التصدي لهذه الظاهرة.

من جانبه وصف الدكتور محمود عفيفي عضو هيئة التدريس بالأزهر الشريف، لبوابة «هير نيوز» أن زواج القاصرات دون السن القانوني المحدد بـ 18 عام، لا يجوز شرعًا لأنها لن تطيق بهذا السن الزواج والعشرة وتحمل المسئولية. وأوضح "عفيفي"، أنه توجد في الدين الإسلامي عدة قواعد شرعية توضح ضرر الزواج المبكر على القاصرات ومنها أن "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، وأنه "لا ضرر ولا ضرار"، فالغرض من الزواج في الأساس تحقيق الاستقرار وتكوين أسرة وتحمل المسئولية، وهذا ما أكد عليه القرآن الكريم في آياته "وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍۢ لِّقَوْمٍۢ يَتَفَكَّرُونَ" سورة "الروم"، مضيفًا أن الزواج في الإسلام قائم على المشاركة والمودة والرحمة والتفاهم.

وأشار "عفيفي" إلى أن الوضع يختلف الآن عنه قديمًا، فقديمًا كان يمكن أن تتزوج الفتاة في سن صغير في ظل بيئة وبنية كانت تختلف عن الموجودة حاليًا بالإضافة إلى الأمراض والأوبئة المنتشرة في الوقت الحالي. وأضاف أنه في وقت الرسول صلى الله عليه وسلم جاء رجل ليخطب فتاة صغيرة، فرفض الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك لصغر سنها وعدم تأهلها للزواج، وبعد مرور عدة سنوات تقدم رجل آخر لخطبتها فوافق عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن أصبحت الفتاة مناسبة للزواج.

وفي ذات الإطار ذكر د. وليد هندي استشاري الصحة النفسية، في تصريحات ل "هير نيوز" أن الزواج المبكر للقاصرات اغتصاب مقنن واغتيال لبراءة الأطفال واستمتاعهم بحياتهم وحرمان لهم من الحياة الطبيعية التي يعيشها معظمهم بشكل طبيعي. وأرجع الأمر إلى أسباب اقتصادية واجتماعية وثقافية كالعادات والتقاليد التي تجبر الفتاة على الزواج على طريقة أن "الزواج سُترة لها، لأنه ليس لها في النهاية غير بيت زوجها". وأكد "هندي" أن الزواج المبكر يؤثر على الفتاة في ثقتها في نفسها، والإخلال بمفهومها الذاتي وتقديرها لنفسها، حيث ترى المتزوجة في سن مبكر الفتيات من عمرها يلعبون ويمرحون ويذهبون للمدارس والجامعات بينما تقع هي تحت طائلة الزواج ومسئولياته في ظل وجودها مع شخص يكبرها سنًا حيث يكون الزواج بالنسبة لها اغتصاب مقنن. كما أضاف"هندي"، أن الزواج المبكر يصيب الفتاة بعدم التكيف العاطفي لأنها تحتاج في هذا السن المبكر إلى من يرعاها لا من ترعاه في الوقت الذي تكون غير مؤهلة نفسيًا لهذه المسئولية، كما يسبب لها هذا الزواج نوعًامن الإساءة الجنسية، وأيضًا طمع الآخرين فيها بسبب صغر سنها سواء في حالة إستمرارها في الزواج أو طلاقها، بالإضافة إلى أن الفتاة القاصر تفتقر إلى ثقافة التعامل مع الحمل لأن جسدها يكون غير مؤهل للحمل وهو ما يمكن أن تصل خطورته إلى حد الوفاة.

وذكر "هندي"، أن الزواج المبكر يؤثر أيضًا على طريقة تعامل الفتاة مع أطفالها سواء في مراحل الرضاعة أو الفطام وكذلك في أساليب التربية، كما أن الزواج بهذا الشكل يعد سببًا أساسيًا في البطالة وانتشار فكرة المرأة المعيلة، كما يترتب عليه الطلاق المبكر.

واختتم "هندي" حديثه قائلًا "الدين لم يحدد سن معين للزواج لكنه حرم وأد البنات، والزواج المبكر يعد وأد نفسي لأن الزوجة في ظله تعد جسدًا بلا روح". وأضاف أن القرآن الكريم حض على الإستعانة بأهل العلم والأطباء في كافة الأمور "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" (سورة النحل)، وحث "هندي" على تفعيل دور الإعلام والجمعيات الأهلية في توعية البنات والأهالي بخطورة هذا النوع من الزواج وإصدار قانون يشمل رعاية الفتيات اللاتي تزوجن بالفعل في سن مبكر وإعادة تأهيلن حتى لا تكرر ما حدث معهن مع بناتهن.

وفي هذا الإطار استطلعت بوابة "هير نيوز" آراء للفتيات التي وقعن ضحايا الزواج المبكر. تذكر "أ.س" من محافظة الشرقية وتزوجت وهي بنت الـ 16 عامًا من قريب لها ولم تكمل تعليمها، أن زواجها في سن مبكر سبب لها مشاكل صحية ترتب عليها الإجهاض 3 مرات، مما أدى إلى وجود مشاكل كبيرة في الرحم.

تبلغ "م.ن" من العمر 15 عاما وتسكن بمحافظة القليوبية. توقف تعليمها عند المرحلة الإعدادية، حيث تم إرغامها من قبل عائلتها عقب إنتهاءها من هذه المرحلة التعليمية على الزواج من شخص يكبرها ب 8 سنوات وتسبب لها ذلك في مشاكل كبيرة مع عائلة زوجها وخلافات كبيرة بينهما، انتهت بطلاقها وهي تعول الآن طفل يبلغ من العمر 8 سنوات.

اقرأ أيضًا..
تزوجت "ع.ل" في الثالثة عشرة من شاب يبلغ 25 عامًا وأنجبت طفلة بعد زواجه بعام، وتشعر الآن بالندم الشديد لرؤيتها الفتيات اللاتي في عمرها يذهبن للمدرسة وهي تريد الطلاق لكن الأهل يرفضون بسبب الآراء الخطأ الشائعة عن الطلاق.

ads