السبت 04 مايو 2024 الموافق 25 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

«الإفتاء» تحسم الجدل حول الصيغة المُستحبة للدعاء في ليلة النصف من شعبان

الأربعاء 09/مارس/2022 - 10:49 ص
هير نيوز

مع دخول شهر شعبان، واقتراب ليلة النصف من شعبان المباركة والتي تُرفع فيها الأعمال، يتساءل الكثير عن مدى ثبوت دعاء النصف من شعبان بعدما أنكر البعض ورود هذا الدعاء في أي حديث من الأحاديث إنكارًا شديدًا، ليثار جدلا شديدا حول مدى مشروعية ذلك الدعاء، وهل الدعاء به والالتزام بترديده يجوز شرعا أم يمكن اعتباره من البدع المنهي عنها؟ 


 

وتعرض «هير نيوز» الإجابة عن تلك الأسئلة من خلال الفتوى التي أصدرتها أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، والتي أكدت فيها أن تلك الصيغة المشهورة بين الناس أمر حسن ولا حرج في الدعاء بها ولا يوجد مانع من ذلك. 



 

الدعاء المشهور في ليلة النصف من شعبان 


وقالت أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الدعاء المشار إليه في السؤال مشتهر بين الناس، وصيغته هي: "اللَّهُمَّ يَا ذَا الْمَنِّ وَلَا يُمَنُّ عَلَيْهِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، يَا ذَا الطَّوْلِ وَالإِنْعَامِ. لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ظَهْرَ اللَّاجِئينَ، وَجَارَ الْمُسْتَجِيرِينَ، وَأَمَانَ الْخَائِفِينَ. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي عِنْدَكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ شَقِيًّا أَوْ مَحْرُومًا أَوْ مَطْرُودًا أَوْ مُقَتَّرًا عَلَيَّ فِي الرِّزْقِ، فَامْحُ اللَّهُمَّ بِفَضْلِكَ شَقَاوَتِي وَحِرْمَانِي وَطَرْدِي وَإِقْتَارَ رِزْقِي، وَأَثْبِتْنِي عِنْدَكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ سَعِيدًا مَرْزُوقًا مُوَفَّقًا لِلْخَيْرَاتِ، فَإِنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ فِي كِتَابِكَ الْمُنَزَّلِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكَ الْمُرْسَلِ: ﴿يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾، إِلهِي بِالتَّجَلِّي الْأَعْظَمِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ شَعْبَانَ الْمُكَرَّمِ، الَّتِي يُفْرَقُ فِيهَا كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وَيُبْرَمُ، أَنْ تَكْشِفَ عَنَّا مِنَ الْبَلَاءِ مَا نَعْلَمُ وَمَا لَا نَعْلَمُ وَمَا أَنْتَ بِهِ أَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ". 





 

ولفتت دار الإفتاء إلى أن تلاوة هذا الدعاء وتخصيص ليلة النصف من شعبان به أمرٌ حسنٌ لا حرج فيه ولا منع؛ فذكر الله تعالى والثناء عليه والتوجه إليه بالدعاء كل ذلك مشروع؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ»، ثم قرأ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾. رواه الترمذي. 


 
كما أن أصل الألفاظ المستعملة في هذا الدعاء وارد عن بعض الصحابة والسلف؛ فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال وهو يطوف بالبيت: "اللهم إن كنت كتبت على شقاوة أو ذنبًا فامحه، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب، فاجعله سعادة ومغفرة". 





 
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "ما دعا عبد قط بهذه الدعوات إلا وَسَّع الله له في معيشته: يا ذا المن ولا يُمَنُّ عليه، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطَّول، لا إله إلا أنت، ظهر اللاجئين، وجار المستجيرين، ومأمن الخائفين، إن كنت كتبتني في أم الكتاب شقيًّا، فامحُ عني اسم الشقاء، وأثبتني عندك سعيدًا، وإن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب محرومًا مقترًا عليَّ رزقي، فامحُ حرماني، ويسر رزقي، وأثبتني عندك سعيدًا، موفقًا للخير؛ فإنك تقول في كتابك الذي أنزلت: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾". 


 
وبقية الدعاء من عند قولهم: "إلهي بالتجلي الأعظم" إلى نهايته، زادها الشيخ ماء العينين الشنقيطي كما ذكر ذلك الإمام الرائد محمد زكي إبراهيم في رسالته "ليلة النصف من شعبان في ميزان الإنصاف العلمي". 


 


منزلة ومكانة شهر شعبان 


 
وأضافت أمانة الفتوى بدار الإفتاء: معلوم أن لشهر شعبان منزلة كريمة، ومكانة عظيمة، فقد اختصه الله تعالى بأنه الشهر الذي ترفع فيه الأعمال إلي رب العالمين، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكثر من الصيام فيه؛ فروى النسائي عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ». 

 



 
وأما خصوص ليلة النصف من هذا الشهر الكريم؛ فإن أحد القولين في المقصود بقوله تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4] أنها ليلة النصف من شعبان؛ فقد روى الطبري هذا عن عكرمة حيث قال: في ليلة النصف من شعبان، يبرم فيه أمر السنة، وتنسخ الأحياء من الأموات، ويكتب الحاج فلا يزاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد. ولعل مستند ذلك القول ما رواه ابن جرير في تفسيره مرسلًا عن عثمان بن محمد بن المُغيرة بن الأخنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «تُقْطَعُ الآجالُ مِنْ شَعْبان إلى شَعْبانَ، حتى إن الرَّجُلَ لَيَنْكِحُ وَيُولَدُ لَهْ، وَقَدْ خَرَجَ اسمُهُ فِي المَوْتَى». انظر: "تفسير الطبري" (22/ 10، ط. مؤسسة الرسالة). 



 

فضل ليلة النصف من شعبان 

 
وقد ورد في فضل خصوص ليلة النصف من شعبان عدد من الأحاديث الشريفة أيضًا؛ منها: ما رواه الترمذي، وابن ماجه، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: فقدتُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة، فخرجت أطلبه، فإذا هو بالبقيع رافعٌ رأسَه إلى السماء، فقال: «يَا عَائِشَةُ، أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟» فقُلْتُ: وما بي ذلك، ولكني ظننتُ أنك أتيتَ بعضَ نسائك. فقال: «إِنَّ الله تَعَالَى يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَغْفِرُ لأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعرِ غَنَمِ كَلْبٍ». 





وما رواه ابن ماجه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ»، والحديث صحَّحه الإمام ابن حبان. "صحيح ابن حبان" بترتيب ابن بلبان (12/ 481، ط. الرسالة)، وقال الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب" (3/ 307، ط. دار الكتب العلمية): [إن إسناده لا بأس به]. 


 
وروي أيضًا عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا يَوْمَهَا؛ فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ؟ أَلا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ؟ أَلا كَذَا أَلا كَذَا؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ». ونزول الله تعالى كناية عن نزول رحمته أو بعض ملائكته؛ لتعاليه تبارك وتعالى عن الجهة، والمكان، والجسم، والزمان. 


 
وروى البيهقي في "شعب الإيمان" عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا كَانَ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ نَادَى مُنَادٍ: هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ، هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ، فَلَا يَسْأَلُ أَحَدٌ شَيْئًا إِلَّا أُعْطِيَ، إِلَّا زَانِيَةٌ بِفَرْجِهَا أَوْ مُشْرِكٌ». 


 
وروى أيضًا عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «هَذِهِ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَطْلُعُ عَلَى عِبَادِهِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِلْمُسْتَغْفِرِينَ، وَيَرْحَمُ الْمُسْتَرْحِمِينَ، وَيُؤَخِّرُ أَهْلَ الْحِقْدِ كَمَا هُمْ». 


 
ويروى عن نَوفٍ البِكَالي أن عليًّا رضي الله عنه خرج ليلة النصف من شعبان، فأكثر الخروج فيها ينظر إلى السماء فقال: "... اللهم رب داود اغفر لمن دعاك في هذه الليلة ولمن استغفرك فيها". "لطائف المعارف" لابن رجب الحنبلي (ص: 137، ط. دار ابن حزم). 


ads