الجمعة 26 أبريل 2024 الموافق 17 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

شيماء خميس تكتب: شعار "نصدق الناجيات" في خطر بسبب "جوني ديب"

الجمعة 20/مايو/2022 - 03:51 م
هير نيوز

منذ أن وعينا على هذه الحياة والمرأة تحارب من أجل الحصول على حقوقها، وتحقيق المساواة بينها وبين الرجل، وعدم اعتبارها كائن فاقد للأهلية. سنوات طويلة من النضال وأجيال كثيرة تتوارث راية المعركة؛ حققنا بعضًا من حقوقنا ومازالنا نحارب من أجل البقية.

وتعد أهم معارك السيدات في مصر والعالم أجمع هي البوح عن تجاربهن المؤلمة والإعلان عن التحرش أو العنف بعد سنوات طويلة من الصمت والخوف، فمنذ بضعة أعوام انتشرت حملة أطلق عليها "me too" بدأت في الغرب وانطلقت إلى باقي البلدان، تعلن عن صرخة مدوية للنساء تفضح بها كل متحرش أو معتدي، وبدأت كل سيدة تعلن عن مَن تحرش بها أو اعتدى عليها بالضرب لتحذر الأخريات منه، وتسببت الحملة في فضح كثير من الرجال، مشاهير كانوا أو غير معلومين، منهم من أنكر ومنهم من اعترف واعتذر، وانتشر مصطلح "نصدق الناجيات" مصاحب لشهادات السيدات التي تعرضن للتحرش أو العنف، وهو شعار أطلقته النسويات دعما للسيدات تشجيعا لهن على تجاوز خوفهن والإدلاء بشهادتهن. ولم تخلو الشهادات من بعض الإفتراءات الكيدية إلا أن الأغلب نتج عنه محاسبة للمعتدي ولو على نطاق مجال عمله والدائرة المحيطة، وأخرهم الحكم بالحبس على الممثل شادي خلف بعد ثبوت اعتدائه على بعض الفتيات والتحرش بهن، وجاء حبسه بعد انتشار شهادات من الفتيات أدت إلى التحقيق معه وإدانته.

رغم وجود بعض الأكاذيب في قلة من الشهادات المُعلنة إلا أن تشجيع الفتيات على البوح بالأذى وما تعرضن له، كان انتصاراً قوياً في قضية المرأة وخطوة على طريق مازال طويلا، وأصبح شعار "نصدق الناجيات" واقعا حتى يثبت العكس، وهو ما تم في الشهور الماضية عند توجيه اتهامات للفنان "جوني ديب" من قبل زوجته "أمبر هيرد" بالتعدي عليها بالضرب المبرح، وهي اتهامات جعلت الوسط الفني يتخذ موقفا من زوجها واقصائه عن الأعمال الفنية ونبذه من قبل المجتمع.

ومثلما يحدث في الأحداث المشابهة رفعنا جميعا شعار "نصدق الناجيات" وتضامن الجميع رجالا ونساءً مع "أمبر هيرد" تلك السيدة الجميلة التي تتحدث والبراءة تختلط بالدموع في مقلتيها، إلى أن بدأت الاتهامات تصل إلى ساحات المحاكم وتبادل الزوجان الاتهامات وتعاطف الكثيرون مع الزوجة المغلوبة على أمرها المعتدى عليها من زوجها السكير.

بدأت القضية مع توالي الأحداث والأدلة تأخذ شكلا آخر بعد كشف "كاميلا فاسكويز" محامية جوني ديب عن تسجيلات بينه وبين زوجته تفيد أنها هي المعتدية وأنه هو الزوج المغلوب على أمره الذي تحمل طويلا الحياة مع زوجة سيئة الطباع تعتدي عليه بالضرب ما أدى إلى قطع أحد أصابعه وفسخ تعاقده مع شركة ديزني، وتشويه سمعته في المجتمع، وتحولت دفة التعاطف والدعم إلى الزوج الذي تحمل الأذى والتشهير.

القضية مازالت تنظر في ساحات المحاكم ولو أن التسجيلات والدوافع التي تقدمها محامية جوني ديب تجعل القضية تسير في مصلحة الزوج الذي تشير كثير من الأدلة إلى ظلم كبير تعرض له على يد زوجة تعاني من اضطرابات نفسية طبقا لشهادة الطبيبة النفسية بالمحكمة، ولكن كإمرأة تؤمن بالمساواة والعدل بين البشر رجلا كان أو إمرأة وتناضل من أجل تحقيقهما لبنات جنسها، لكن ليس على حساب ظلم آخرين.

ما يشغلني هو هل التحول الجذري في أحداث قضية جوني ديب وزوجته المؤذية سيصبح ذريعة لبعض الرجال للتشكيك في روايات وشهادات السيدات الناجيات ضحايا العنف الجسدي؟ وهل تطورات القضية ستلقي الضوء على وجود رجال معنفين غير قادرين على البوح بتعرضهم للضرب لكونهم رجال؟ مثلما قالت أمبر هيرد لزوجها جوني ديب في أحد التسجيلات تخبره ساخرة أنه لن يجرؤ على الاعتراف أنه يتعرض للعنف من زوجته وإن فعلها لن يصدقه أحد.

يشغلني تساؤل هل براءة جوني ديب تكسر شعار نصدق الناجيات أم أنه مع وجود تاريخا أسود من قهر الرجل للمرأة وخاصة المرأة العربية يجعلنا نعتبره حالة فردية ونادرة ونستمر في دعم السيدات دعما مطلقا؟

هل يتسبب جوني ديب في التشكيك في شعار "نصدق الناجيات"، أم أننا في حاجة إلى تغييره ليصبح نصدق الضحايا؟

ads