محمود عبد الحليم يكتب: سعر الذهب والشبكة السودة.. «ارحموا مدحت»

لا شك أن شراء الشبكة أصبح عائقًا كبيرًا أمام الشباب، فمن الذي يستطيع شراء 50 جرامًا من الذهب، بحسبة بسيطة ما يعادل 85 ألف جنيه، ولا قدر الله إذا حدث الانفصال لأي سبب، يخسر الشاب 85 ألف جنيه دون ذنب، فقد يكون هناك تصرف منه أو منها أو من والدته أو والدتها، واعتقد لو فكرنا قليلًا لجعلنا من المعدن الأصفر مكملًا للزواج وليس أهم متطلباته..

تخيل معي هذا السيناريو.. 

مدحت تقدم لفتاة يحبها ويحترمها ويقدرها، وأهل الفتاة قالوا "مدحت ولدنا وأهلا وسهلا وذهب مدحت وأسرته وخرجت العروس في أبهى صورة ويبتسم مدحت وهو في قمة السعادة وتحسده أمه وتردد "يا ابن المحظوظة البنت حلوه قوى قوى يا بختك يا مدحت" وتزغرد معلنة سعادتها، وبعد هذا الكلام الجميل يتنحنح الأب ويطلب يد العروس.

 

ويضع والد العروس قدما فوق أخرى مرحبا ويردد "وهنلاقي ذي مدحت فين، ابن حلال ومتربي ومن أسرة محترمة"؛ فيثلج هذا الكلام صدر مدحت وعائلته، وهنا يكمل والد مدحت "وإحنا كمان نتشرف بهذا النسب العظيم طلبات حضرتك إيه؟".. يرد والد العروس بابتسامة عريضة: "طبعا إحنا بنشتري راجل وزي ما بنشترى الراجل، لازم الراجل يشتري بنتنا ويؤمن لها مستقبلها من غدر الزمن أو لا قدر الله تقلبات الأمزجة أو عدم وجود تفاهم بعد فترة من الزمن وأنتم شايفين المحاكم على آخرها وإحنا مش عايزين ندمر مستقبل بنتنا أو تجيب عيل من ابنك وألبس أنا فيه".

 

يصفر وجه مدحت وعائلته وتسود لحظات من الصمت والنظرات الزائغة، ويستكمل أبو العروس: "وعشان كل ده ميحصلشى لازم نضع فى الاعتبار أسس مهمة تكون لينا في المستقبل ونرجع لها لا قدر الله في حالة حدوث خلاف".

يحاول والد مدحت أن يخفف من توتر الجلسة، ولكن أبو العروس يطلب منه أن ينهى كلامه، مكملا: "أولا مفيش خطوبة خالص، جواز على طول، وبعد سنة أو اتنين يتم الزفاف، شراء نص كيلو ذهب ويوضع في البنك وديعة باسم العروس عشان قبل ما مدحت ابننا يفكر في أي شيء يفتكر نص كيلو الذهب فيرجع..

ويواصل: "الشقة تمليك وتكتب باسم العروسين، العدل بيقول كده، وتكلفة الفرح مشاركة بيننا وبينكم، وبكده أكون خلصت كلامي وإحنا بنشتري راجل".

 

تجلس عائلة مدحت وكأن على رؤوسهم الطير ويتعلثم والد مدحت فى الكلام ويقول: "حضرتك نسيت تقول الشقة فين"، وهنا يرد أبو العروس ضاحكا: "لا العروسة ومدحت يختاروا مش إحنا.. يارب في الصحراء ده مستقبلهم".

 

مدحت ينظر إلى والده ويطلب الكلام، ويرد: "هو حضرتك كلامك كله زي الفل ومفيش أي اعتراض عليه أو رفض، لكن كده بنت حضرتك هتقعد معاك للأبد، مش لأني مش عايز، لا والله، أنا لو معايا هشترى ليها كيلو دهب وهو حضرتك تعرف جرام الذهب وصل كام؟" ويبتسم مدحت وينظر للعروسة قائلا: "حلو عصير المانجو والأحلى مقابلة ابوكى" ويهم بالتحرك هو وأسرته. 

وهنا تتدخل العروس قائلة: "يا بابا أنا ومدحت متفقين على دبلة دهب وهو دبلة فضة ومستقبلنا مع بعض هيكون أغلى من الدهب"، فتصرخ والدتها: "نقول إيه للناس، بنتنا تساوى دبلة دهب، ادخلي جوه، شوف يا مدحت يا ابني آخر كلام، 100 جرام دهب، معاك أهلا وسهلاً مش معاك سيب البنت تشوف نصيبها مع حد غيرك وحبك وحبها الأيام كفيلة بالنسيان، شكلنا قدام العيلة مهم وإحنا مش أقل من حد، بنت خالتها عريسها جاب لها 120 جرامًا".

 

مدحت يصرخ: "حضرتك عارفة سعر جرام الدهب وصل كام؟".

ثم يأخذ أسرته ويغادر...