رئيس مجلس الأدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند أبو ضيف
هير نيوز هير نيوز
رئيس مجلس الأدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند أبو ضيف

بقلم محمد السعد: كيف تسهم الدجاجة في أنسنة المدن؟

هير نيوز

بقلم محمد السعد: كيف تسهم الدجاجة في أنسنة المدن؟.. شهدت الثورة الصناعية للمجتمعات البشرية أكبر هجرة جماعية للبشر من الأرياف إلى المدن الصناعية الحديثة، بحثا عن الفردوس الموعود الذي تبشر به المدينة، وأسباب السعادة الكامنة في ثقافة الأسواق الاستهلاكية، مخلفا وراءه الدجاجة بعد أن تركها فريسة سائغة لأرباب المصانع، في تصرف يعبر عن أنانية مطلقة تجاه الدجاجة بعد أن شاركتنا حلو الأيام ومرها. الهجرة كانت قاسية ومؤلمة بلا شك على الدجاجة الحنونة التي علمتنا المعنى الحقيقي للإيثار والتضحية بالنفس وحماية الأبناء من المخاطر. هجرتنا للمدن كانت وداعًا أبديًا للدجاجة وقطعًا لكل أواصر المودة التي تربطنا بها. لقد تخلى الإنسان عن الدجاجة في مرحلة مفصلية من سلم التطور الإنساني معرضًا إياها لأكبر إبادة جماعية في تاريخ الدجاج.

بقلم محمد السعد: كيف تسهم الدجاجة في أنسنة المدن؟.. واليوم يدفع - الإنسان - ثمن تخليه عن أصدقائه القدامى، يعاني وحيدا في المدن المكتظة «الاكتئاب والقلق وضغط الحياة اليومي السريع» محاولا مجاراة وتيرة العمل المتسارعة التي استنزفت طاقته وأنهكت جسده وجعلته عرضة لكل الأمراض المزمنة في وقت مبكر. يحاول جاهدا أنسنة المدينة وإعادة الاعتبار لذاته المستلبة، بعد أن أحس أن المدينة تهمشه، تشعره بضآلته وضعفه أمام أبراجها الهائلة التي تناطح السحاب. ترك حياة الريف الهانئة، بحثا عن فردوس المدينة الموعود وسط بناياتها الإسمنتية الضخمة، ولكنه وجد البنية التحتية لمدن العالم قاطبة مصممة من أجل السيارات والشاحنات والقطارات، فالمدينة مجرد سوق ضخمة لا تمنح الإنسان أولوية مطلقة، بل تهمشه وتشعره بالاغتراب.

بقلم محمد السعد: كيف تسهم الدجاجة في أنسنة المدن؟.. يكابد الإنسان وسط المدينة ضغوطات الحياة ويعاني ضيق الوقت ونمط العمل المتسارع، والبعد الجسدي والروحي عن الأسرة، فالمدينة تبدو غير ملائمة لطبيعته وغير منسجمة مع جوهره الإنساني، فمنذ سكنها وهو يعاني الأمراض بشتى أنواعها، يلازم الأدوية والمضادات طويلة المدى، ودونها ستختل وظائف جسده الفسيولوجية، ويعجز عن مواصلة العيش بصورة طبيعية. لذلك نجد البشر اليوم يسعون قدر مستطاعهم لأنسنة المدينة وجعلها متوافقة مع تركيبة الإنسان النفسية والعضوية. يسعون لمحاكاة حياة الريف وطبيعة العيش هناك من خلال خلق مكان افتراضي يشبه الريف وبساطته.

بقلم محمد السعد: كيف تسهم الدجاجة في أنسنة المدن؟.. نشأت فكرة أنسنة المدن بعدما اكتشف صانعو القرار حول العالم أن حياة المدينة لا تناسب طبيعة الإنسان، وحتى مع قدرته على التكيف والاعتياد السريعين مع أي ظروف غير طبيعية. ولكن مثل هذه الفكرة الطموحة ينقصها وجود الدجاجة. فالدجاجة يمكن لها أن تلعب دورًا مهمًا في أنسنة المدن إذا نظرنا إلى المدينة من زاوية الاستدامة والتفاعل مع الطبيعة. وجود كائنات حية مثل الدجاجة يعيد نوعا من الاتصال البيئي الذي افتقدته المدن الحديثة ويضفي جوا طبيعيا لطيفا في بيئة المدن الصاخبة، ويمثل تعبيرا عن الحياة البسيطة والطبيعية وسط تعقيدات المدينة، وتذكيرا بضرورة التواصل مع الطبيعة والعودة إلى الجذور.

بقلم محمد السعد: كيف تسهم الدجاجة في أنسنة المدن؟.. وجود الدجاجة بيننا وسط ساحات منازلنا وحدائق مدننا، يشجع على إنتاج غذاء محلي (بيض طازج)، يقلل من الاعتماد على سلاسل الإمداد الصناعية، وينقذ الدجاجة من جحيم المصانع وجشع التجار وسعير الإبادة الجماعية الذي تتعرض له يوميا. الدجاجة يمكن لها أن تسهم في التقاء الريف بالحياة الحضرية، وتخلق بيئة مؤنسنة تملؤها الروحانية. ونحن بذلك نقدم خدمة جليلة للدجاجة ونوفر لها حياة كريمة ونعيد «لم الشمل» لأفراد أسرتها، نعيدها لرب أسرتها وسيدها «الديك» صاحب الروح الحارسة والصياح الصباحي المحبوب الذي يضفي على المكان الطمأنينة والراحة النفسية، يذكرنا بصلاة الفجر، ويعلن بداية هانئة لصبح جديد.

بقلم محمد السعد: كيف تسهم الدجاجة في أنسنة المدن؟.. أي أنسنة توازي وجود الدجاجة وسيدها الديك، ومن منا لا تطمئن روحه لسماع صياحه عند بزوغ الفجر! فصياحه دليل على رؤيته لمخلوق نوراني، أو حضور ملاك سماوي، ما يدل على وجود بركة أو طاقة روحانية في المكان. قد يكون العائق لوجود الدجاجة وأفراد أسرتها بيننا وبأحضان منازلنا، هو عجزنا عن إدارة نفايات الدجاج. فالمدن الحديثة فضلا عن تهميشها للإنسان، متهمة بتهميش الدجاجة وإقصائها قسريًا ونهائيًا من الحضور وسط المجتمعات الحديثة. فكل مجتمع الدجاج معطل اجتماعيًا وغائب كليًا عن المشهد وليست له ي مساهمة في التنمية الاقتصادية، ونحن أقصينا الدجاجة لأننا نريد التخلص من نفاياتها، أو لأننا عاجزون عن إدارة هذه النفايات.

نجح الإنسان في إدارة نفاياته والتخلص منها وكأنها غير موجودة، ولولا وجود نظام صرف صحي فعال لانقلبت مدن العالم لمستنقعات قذرة، وبؤر لنشر الأمراض الفتاكة بسبب الإنسان ونفاياته. بالتالي فإدارة نفايات الدجاجة لن تكون معضلة كبيرة ويمكن التخلص منها بسهولة، وفضلاتها يمكن تحويلها لسماد عضوي يغذي التربة ويسهم في الزراعة والتشجير.

نقلا عن الرياض السعودية

تم نسخ الرابط