بقلم فاطمة المتحمي: التنظير بين التجربة الشخصية والحكم على الآخرين

بقلم فاطمة المتحمي: التنظير بين التجربة الشخصية والحكم على الآخرين.. في الآونة الأخيرة، شهدنا انتشار ظاهرة «المنظرين» الذين استندوا إلى تجاربهم الشخصية، والتي غالبًا ما ساعدتها ظروف مواتية أو حظ استثنائي، لتحقيق نجاح ملحوظ في مجالات معينة. لا شك أن نجاحهم أمر يستحق الإشادة والتقدير، ولكن الإشكالية تكمن في الطريقة التي يُسقطون بها تجاربهم الخاصة على الآخرين، معتبرين أن ما نجح معهم ينبغي أن ينجح مع الجميع بنفس الكيفية والسرعة.
بقلم فاطمة المتحمي: التنظير بين التجربة الشخصية والحكم على الآخرين.. يبدأ بعض هؤلاء في تسويق قصص نجاحهم وكأنها الوصفة السحرية الوحيدة، دون أدنى اعتبار لاختلاف البيئات والظروف والقدرات الفردية. فيُختزل الجهد والتحديات التي يواجهها الآخرون تحت أوصاف قاسية مثل «الكسل» أو «الجبن»، متجاهلين الفروق الجوهرية بين الأفراد، وتنوع العوائق التي قد تحول دون تحقيق النجاح بسهولة.
بقلم فاطمة المتحمي: التنظير بين التجربة الشخصية والحكم على الآخرين.. في ظل هذا الانتشار الواسع لقصص النجاح الشخصية، يتعين علينا أن نتذكر أن المقاييس التقليدية للنجاح قد تكون سطحية وغير شاملة. فالتنمية وتطور الشخصية لا يقتصران على الوصول إلى قمة معينة أو تحقيق هدف محدد فقط، بل تمتد لتشمل النمو العقلي والوجداني والنفسي الذي يمر به كل فرد في مسيرته الخاصة. قد يكون البعض لا يملك نفس الفرص أو الموارد، لكن التقدم والتعلم المستمر يمكن أن يكون بمثابة نجاح حقيقي في حد ذاته، حتى لو لم يتوج بإنجاز خارجي. لذا، من المهم إعادة تعريف النجاح ليتناسب مع الفروق الفردية ويعكس حقيقة أن لكل إنسان رحلته الخاصة.
بقلم فاطمة المتحمي: التنظير بين التجربة الشخصية والحكم على الآخرين.. التجربة الشخصية، مهما كانت ملهمة، تظل محدودة بزمانها ومكانها وظروفها الخاصة. والمشكلة لا تكمن في مشاركة الخبرات، بل في فرضها كمعيار ثابت للنجاح والحكم القاطع على الآخرين من خلالها. التقدير الحقيقي للنجاح لا يقتصر على من صعد سلم المجد، بل يشمل أيضًا من يحاول ويكافح رغم قسوة الظروف وقلة الموارد.
بقلم فاطمة المتحمي: التنظير بين التجربة الشخصية والحكم على الآخرين.. عندما نقوم بتسويق تجاربنا الشخصية كمعيار ثابت للآخرين، فإننا في الواقع نقوم بتقليص القدرة البشرية على التكيف مع التحديات المختلفة. فكل شخص لديه مجموعة متنوعة من الإمكانيات، القيود، والتجارب الحياتية التي تحدد كيفية استجابته للظروف المحيطة به. من خلال الاعتراف بهذه التفاوتات، يمكننا تقديم الدعم بطريقة أفضل، تركز على تنمية القدرات الفردية بدلاً من فرض معايير خارجية قد تكون بعيدة عن واقع الشخص. النجاح ليس بالضرورة مسارًا واحدًا، بل هو تنوع في الطرق والأدوات التي يستخدمها كل فرد لتحقيق تطوره الشخصي.
لذلك، من المهم أن نتحلى بتواضع التجربة، وأن ندرك أن لكل إنسان قصته الفريدة، وتحدياته التي قد لا تظهر للعيان. النجاح الحقيقي لا يكون فقط في بلوغ القمة، بل أيضًا في احترام مسيرة الآخرين مهما بدت بطيئة أو مختلفة.
وفي النهاية، لعل أجمل ما نقدمه بعد نجاحنا، هو أن نمد أيدينا لدعم الآخرين، لا أن نحكم عليهم من ارتفاعنا.