ثلاثة أفعال قاسية صنعت “المسرح الثري” وأطلقت موسم فرقة المسرح المصري الشتوي بستة عروض جديدة
لم تكن تجربتي مع “المسرح الثري” رحلة فنية فحسب، بل كانت معركة وعي، وصراعًا مفتوحًا مع الفقر، ومع ثقافة الانتظار التي تُكبّل المبدعين خلف جدران الأعذار.
كنت أعلم أن الحلم لا يتحقق بالتصفيق، بل بالعرق، وأن المسرح الحقيقي لا يُبنى على الدعم المؤقت، بل على الفعل المستمر.
حين انطلقت الفكرة، لم يكن في يدي سوى الإيمان بأن الفن يمكن أن يُصبح مشروعًا إنتاجيًا يطعم فريقه ويصنع لنفسه طريقًا وسط العواصف.
وهكذا بدأت الرحلة بثلاثة أفعال قاسية، لكنها كانت مفاتيح النهوض والتحرر من دوائر العجز إلى ميادين الفعل.
الفعل الأول: المواجهة (التركيز الداخلي)
تعلّمت أن أول مواجهة يجب أن تكون مع الذات لا مع الآخرين.
أن أوقف نزيف الوقت المهدَر في الشكوى، وأوجّه البوصلة نحو العمل الحقيقي.
منذ تلك اللحظة وُلدت فلسفة “المسرح الثري”، حيث يتحول الحلم إلى خطة، والفكرة إلى تجربة قائمة على الجهد والتكامل.
هكذا بدأنا من لا شيء، حتى أصبح لدينا كيان مسرحي يمتلك هوية ورؤية واضحة.
الفعل الثاني: الانضباط الممل (الاستمرارية)
العمل في المسرح أشبه بالحرث في أرضٍ قاحلة.
لا يرى أحد العرق الذي يُسكب في البروفات الطويلة، ولا السهرات التي تُبنى فيها الشخصيات والمشاهد.
لكن الانضباط، رغم قسوته، هو ما منحنا القدرة على الاستمرار، وتحويل الشغف إلى إنتاجٍ حقيقي يثمر موسمًا بعد آخر.
بهذه الروح، تحوّلت التجربة من مجرد مبادرة إلى فرقة متكاملة تحمل اسم “فرقة المسرح المصري” وتواصل رسالتها بثبات.
الفعل الثالث: البيع دون خجل (الخروج للعلن)
لم يكن الطريق سهلاً.أن تُقدّم فنًا مستقلاً في مناخٍ مزدحمٍ بالمركزية يحتاج إلى جرأةٍ مضاعفة.
لكننا قررنا ألا نختبئ، وأن نعرض أعمالنا على الجمهور بلا خوف، فالإبداع لا قيمة له إذا بقي حبيس الأدراج.
ومن هنا جاءت الخطوة الأهم: أن نفتح أبوابنا لجمهورنا، وأن نحول الجهد إلى لقاءٍ حيٍّ فوق الخشبة.
واليوم، وبعد أعوامٍ من التجارب والعروض والرهانات، نفتتح موسمنا الشتوي الجديد بستة عروض كاملة تُجسّد روح المشروع وفلسفته في آنٍ واحد:
“وجوه” – “متجوزين واللا..!؟” – “الجوازة باظت” – “بليغ” – “الست” – “وردة”.
كما نستعد لتقديم عرضين جديدين قريبًا هما:“فترة خطوبة” و**“صباحية مباركة”**، ليكتمل المشهد بثمانية أعمال مسرحية متنوعة تجمع بين الدراما والكوميديا والغناء والرسالة الاجتماعية
ومع كل خطوة جديدة، نُعيد التذكير أن المسرح ليس ترفًا بل وسيلة حياة، وأن الفقر لا يُكسر بالشكوى، بل بالفعل.
هذه هي فلسفة “المسرح الثري” التي تحوّلت اليوم إلى واقعٍ ملموس على خشبة مسرح مكتبة مصر الجديدة، حيث ننتظر جمهورنا في الرابع من ديسمبر المقبل في أمسية خاصة تجمع بين عرضي “متجوزين واللا..!؟” و**“الست”** ضمن فعاليات افتتاح الموسم الشتوي لفرقة المسرح المصري