دراسة حديثة: اكتئاب الوالدين يُضعف مخ الأطفال وصحتهم النفسية
سلّطت دراسة نفسية حديثة أجراها باحثون في جامعة بينغهامتون بالولايات المتحدة الضوء على التأثير العميق لأعراض الاكتئاب لدى الوالدين على المراكز العصبية في أدمغة الأطفال، مؤكدة أن هذا التأثير ينعكس سلبًا على صحتهم النفسية، ويجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب مقارنة بالأطفال الذين لا يملكون تاريخًا عائليًا مع المرض.
وأوضحت الدراسة، المنشورة حديثًا في مجلة Journal of Experimental Child Psychology، أن انعدام الاستمتاع يعد أحد أخطر أعراض الاكتئاب، إذ يرتبط بنوبات اكتئابية أشد حدة، وزيادة مخاطر الانتحار، وارتفاع مقاومة العلاجات الدوائية. ويُعد هذا العرض تحديدًا عامل خطر أكبر على الأطفال من غيره من الأعراض المعتادة كالحزن العميق أو سرعة الانفعال.
وشملت الدراسة أكثر من 200 طفل تتراوح أعمارهم بين 7 و11 عامًا، لديهم جميعًا أحد الوالدين مصابًا بالاكتئاب. واختار الباحثون هذه الفئة العمرية لفحص مؤشرات الخطر قبل مرحلة المراهقة. كما استبعدوا الأسر التي يعاني أحد الوالدين فيها من اضطراب ثنائي القطب أو أمراض ذهانية، للتركيز على الاكتئاب فقط.
وخلال التجربة، خضع الأطفال لمهمة مصممة لاختبار نشاط مركز المكافأة في الدماغ عبر تخطيط كهربية المخ (EEG)، أثناء خوض تجربة ربح وخسارة مالية رمزية. وتبيّن أن الأطفال الذين يعاني آباؤهم من انعدام الاستمتاع أظهروا استجابة عصبية أقل للمكسب والخسارة، ما يعكس ضعف التفاعل مع المواقف الإيجابية والسلبية في الحياة اليومية.
كما كشفت الدراسة أن تأثير اكتئاب الأم على مركز المكافأة كان أكبر من تأثير اكتئاب الأب، مرجعة ذلك إلى قضاء الأم وقتًا أطول مع أطفالها مما يزيد احتمالات انتقال المشاعر السلبية للطفل.
وشدد العلماء على أهمية رصد سلوك الأطفال، خصوصًا عند ظهور علامات تدل على فقدان التفاعل الطبيعي، مثل عدم الشعور بالفرح عند تحقيق إنجاز، أو عدم الحزن عند الفشل، وهي مؤشرات تستدعي الانتباه والتدخل المبكر.
وأكّدت الدراسة أن ارتفاع خطر الإصابة بالاكتئاب لدى أبناء الوالدين المصابين لا يعني بالضرورة إصابتهم، لكنه يشير إلى ضرورة توفير الدعم النفسي اللازم، ومعالجة مشكلات الاكتئاب لدى الوالدين في وقت مبكر، لا سيما أعراض انعدام الاستمتاع التي تُعد الأكثر تأثيرًا على آليات المكافأة في دماغ الطفل.