الخميس 25 أبريل 2024 الموافق 16 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

إكرام أنطاكي.. مسيرة عطاء شكلت صورة ذهنية مختلفة للمرأة الشرقية في «اللاتينية»

الإثنين 01/مارس/2021 - 02:23 م
هير نيوز

إكرام أنطاكي، صوت الثقافة العربية في القارة اللاتينة، وعلى الرغم من شهرتها في الأوساط الثقافية المكسيكية إلا أن اسمها في الأوساط الثقافية العربية يأتي على مضض، فلا يعرف القراء العرب الكثير عن هذه المرأة، مميزة الاسم والصفة والفعل.

أصبحت "إكرام" الاسم العربي الأشهر في "بلاد اللاتيين"، حيث ظلت لما يقرب من ربع قرن سفيرة للثقافة والحضارة العربية في المكسيك، فشكلت صورة ذهنية مختلفة في عقولهم عن المرأة الشرقية، التي ظلمت -ومازالت- في مخيلة الآخرين.

استمر إنتاج وعطاء إكرام أنطاكي الفكري والأدبي والثقافي المهتم بشأن الحضارة العربية التي سكنت روحها وخرجت منها لكل العالم، لتقدم ما يقرب من 29 مؤلفًا، وترجمت غالبيتها إلى لغات العالم الحية، كما عملت بالكتابة الصحفية المكسيكية بشكل دوري، إضافة إلى عملها لأكثر من سبع سنوات مستشارة للشؤون العربية والإسلامية، في مكتب رئاسة الجمهورية في المكسيك.

كما برعت وتميزت بتقديمها برنامجًا تلفزيونيًا، بعنوان "وليمة أفلاطون"، وقدمت من خلاله موضوعات في الفلسفة والحضارة والعلوم العربية والشعر والتاريخ، حتى أصبح من أكثر البرامج مشاهدة ومتابعة في المكسيك، حيث احتل في عام 1998م، المرتبة الثانية، من حيث المشاهدة بعد نشرة الأخبار، وما زالت أصداء هذا البرنامج وبعض محاضراتها المتلفزة والموجودة على موقع "يوتيوب" تحظى بمتابعة الآلاف من المكسيكيين، ومازالت تعليقات المتابعين لها بعد عشرين سنة على رحيلها، تظهر تقديرهم الكبير لفكرها وافتقادهم إسهامها الكبير في الحياة الفكرية والثقافية المكسيكية إلى اليوم.

ولدت إكرام أنطاكي في دمشق عام 1947م، وكانت والدتها تحب الأدب الروسي، والتحقت بمدرسة دار السلام العريقة في دمشق، وظلت بها حتى أنهت المرحلة الثانوية، وأتقنت اللغة الفرنسية إلى جانب العربية.

كانت هوايتها المحببة القراءة وتحصيل المعرفة، مما شجعها على ذلك أنها ورثت عن أسرتها مكتبة ضخمة، حيث كانت تتردد على منزل أسرتها الريفي في الزبداني، لتقرأ الكتب وتخط على دفتر مذكراتها ما طاب لها من الصفحات.

انتسبت عام (1965م) إلى جامعة دمشق قسم اللغة الفرنسية، ثم غادرت إلى فرنسا لدراسة الأدب المقارن وعلم الأجناس في جامعة باريس السابعة، حيث قضت فيها ستة أعوام، وفي فرنسا قدمت دراسات في علم السلالات وعن الإنسان وطقوسه، ودراساتها هذه لم تزل محفوظة إلى اليوم في متحف الإنسان في باريس.

وفي عام (1975م) قررت أن تهاجر إلى المكسيك، وقبل هجرتها نشرت ديوانها الشعري الأول ومؤلفها الوحيد باللغة العربية، الذي حمل عنوان (ذكريات حنا المعافى حتى موته)، وفي هذا الديوان تبنت قصيدة النثر الثائرة على اللغة المشبعة بالرموز، حيث عكس هذا الديوان روحها الشابة المتمردة على كل ما هو مألوف، الطامحة إلى التغيير.

وفي المكسيك بدأت نقطة التحول الحقيقية في حياتها، حيث انكبت على دراسة اللغة الإسبانية التي أتقنتها في وقت قصير، ثم درست الفلسفة في جامعة مكسيكو لتحصل على الدكتوراه، وتعمل أستاذة ومحاضرة في الجامعات المكسيكية للأدب والحضارة العربية، لتبدأ أهم مرحلة في حياتها الأدبية والفكرية، وهي مرحلة الكتابة باللغة الإسبانية، حيث نظمت الشعر بالإسبانية إلى جانب العربية، وكتبت الرواية والقصة والدراسات التي تناولت مجموعة واسعة من الموضوعات الفلسفية والاجتماعية والعلمية والأدبية والدينية، الأمر الذي أدهش الكتاب المكسيكيين أنفسهم من تمكنها من اللغة الإسبانية ومن لغتها الأدبية الراقية.

وفي عام (1989م) أصدرت كتابها الأول عن الحضارة العربية تحت عنوان (ثقافة العرب) هذا الكتاب المهم الذي نالت عنه جائزة الدولة المكسيكية (ماجدة دوناتو)، واعتبره كثيرًا من النقاد في المكسيك مرجعًا مهمًا للتعريف بثقافة عريقة ومؤثرة في كل ثقافات العالم، وأشارت الكاتبة الإسبانية (روساليا لويت إيريدا) في حديثها عن أنطاكي إلى كتابها الذي أبرز انتماءها لثقافتها الأصلية دون انحياز، وتناول أصل ثقافة العرب ومراحل تكوينها من وجهة نظر ومنظور عالمة الأنثروبولوجيا، التي تحاول أن تقدم تفسيرًا لخصوصية الإنسان العربي في المجالات المختلفة اللغوية والفلسفية والفنية والقيمية والحقوقية، وفي محيطه التاريخي والاجتماعي.

ثم جاء كتابها الثاني (الثقافة الثالثة) الذي نالت عنه جائزة (كتاب السنة) في المكسيك لعام (1990م)، حيث أكدت خلال هذا الكتاب أن الحديث لا ينقطع عن التأثير الإسباني المكسيكي، ولا يكاد يذكر شيء عن الجذور الإسلامية العربية، التي هي في الواقع أصل هذا التأثير وتضيف (إن اللقاء الذي تم لم يكن بين ثقافتين اثنتين هي الإسبانية والمكسيكية وحسب، كما يقال من باب الحيف والشطط، بل كان لقاء بين ثقافات ثلاث مضافا إليها الثقافة العربية الإسلامية التي تعتبر عنصرًا مكونًا مهمًا للعالم الجديد).

وقد دعمت رأيها بتحليل جديد يقوله الذين قدموا من إسبانيا ليستوطنوا المكسيك أو مناطق أخرى من هذه القارة، بعد وصول كولومبوس إليها كانوا بعيدين عن الحضارة، وأن الجانب المشرق الوحيد الذي جاؤوا به معهم هو الإرث العربي بالخصوص في ميدان المعمار.

إلا أن بعضهم يرى أن أهم ما أنجزته إكرام أنطاكي هو رواية روح قرطبة، التي صدرت عام (1994م) باللغة الإسبانية، هذه الرواية التي جاءت بعد تجربة حقيقية لتعمقها الفلسفي ولقراءاتها الكثيرة والمتنوعة، وبطلا الرواية الفيلسوفان الأندلسيان ابن رشد وابن ميمون، اللذان عاشا في القرن الرابع الهجري، الثاني عشر الميلادي، حيث قالت عن سبب تأليفها لهذه الرواية (إن كبيرَي ذلك العصر اللذين عاشا في نفس المدينة لم يفصلهما زمنيًا إلا نحو الثماني والتسع سنوات لم يتعرف أحدهما إلى الآخر، فرأيت أن أصلح هذا الخطأ التاريخي، وأعرف كلًا منهما إلى الآخر).

والرواية مليئة بحوار فريد ومتخيل حيث يتحاور الفيلسوفان، عبر سطور الرواية في موضوعات عديدة في الفلسفة والرياضيات والشعر وعلم الفلك والطب والقانون والسياسة، وغيرها من الموضوعات، كما أبدعت في هذه الرواية شخصية خيالية أسمتها (زيدون) لتحاور الفيلسوفين، ولتكون همزة الوصل بينهما، ولأن هؤلاء الثلاثة كانوا رجالًا استحضرت شخصية الفيلسوفة (هيباشيا) لتكون صوت المرأة في هذه الرواية، ولتجسد في نفس الوقت عذابات المرأة النوعية الخاصة، والممتدة حتى القرن العشرين والمشابهة لعذابات الكاتبة نفسها.

الرواية لا تقدم حوارًا بين فيلسوفين أندلسيين فحسب، بل تحدثت أيضًا عن بدايات الحضارة الغربية الحديثة، ودور العرب فيها عبر ترجمتهم للنصوص الإغريقية التي فتنوا بها، والتي انتقلت من جزيرة (بادو) إلى فرنسا لتحط رحالها في جامعة السوربون ومن ثم تترجم إلى اللاتينية، وبهذا أصبح عصر النهضة ممكنًا.

وقد استمر عطاء إكرام أنطاكي الفكري والأدبي المبرز لشأن الثقافة والحضارة العربية التي سكنت روحها والتي خرجت منها لكل العالم، لتقدم في أقل من عشر سنوات (29) مؤلفًا ترجمت إلى لغات العالم الحية، ولتداوم أيضًا على الكتابة في الصحافة المكسيكية بشكل دوري، إضافة إلى عملها لأكثر من سبع سنوات مستشارة للشؤون العربية والإسلامية، في مكتب رئاسة الجمهورية في المكسيك.

إلى جانب تقديمها برنامجًا تلفزيونيًا، أطلقت عليه اسم (وليمة أفلاطون)، كانت تقدم من خلاله موضوعات في الفلسفة والحضارة والعلوم العربية والشعر والتاريخ، حتى أصبح من أكثر البرامج مشاهدة ومتابعة في المكسيك، حيث احتل عام (1998م) المرتبة الثانية من حيث المشاهدة بعد نشرة الأخبار، ومازالت أصداء هذا البرنامج وبعض محاضراتها المتلفزة مرفوعة على موقع (يوتيوب) وتحظى بمتابعة الآلاف من المكسيكيين، ومازالت تعليقات المتابعين لها بعد عشرين سنة على رحيلها، تظهر تقديرهم الكبير لفكرها وافتقادهم إسهامها الكبير في الحياة الفكرية والثقافية المكسيكية إلى اليوم.

رحلت إكرام أنطاكي، صاحبة الصوت العربي الذي أبرز العديد من جوانب الحضارة العربية في المكسيك، وعرفت الشعب المكسيكي بالدور الريادي لهذه الحضارة عام 2000م عن عمر 52 عامًا، ولديها ابن وحيد وهو المخرج المكسيكي مروان بوتو أنطاكي، ودفنت في مدفن شيد لها على الطراز الدمشقي في مدينة مكسيكو سيتي.

إكرام أنطاكي.. مسيرة عطاء شكلت صورة ذهنية مختلفة للمرأة الشرقية في «اللاتينية»

إكرام أنطاكي.. مسيرة عطاء شكلت صورة ذهنية مختلفة للمرأة الشرقية في «اللاتينية»

إكرام أنطاكي.. مسيرة عطاء شكلت صورة ذهنية مختلفة للمرأة الشرقية في «اللاتينية»

إكرام أنطاكي.. مسيرة عطاء شكلت صورة ذهنية مختلفة للمرأة الشرقية في «اللاتينية»

إكرام أنطاكي.. مسيرة عطاء شكلت صورة ذهنية مختلفة للمرأة الشرقية في «اللاتينية»

إكرام أنطاكي.. مسيرة عطاء شكلت صورة ذهنية مختلفة للمرأة الشرقية في «اللاتينية»

إكرام أنطاكي.. مسيرة عطاء شكلت صورة ذهنية مختلفة للمرأة الشرقية في «اللاتينية»
إكرام أنطاكي.. مسيرة عطاء شكلت صورة ذهنية مختلفة للمرأة الشرقية في «اللاتينية»
إكرام أنطاكي.. مسيرة عطاء شكلت صورة ذهنية مختلفة للمرأة الشرقية في «اللاتينية»
إكرام أنطاكي.. مسيرة عطاء شكلت صورة ذهنية مختلفة للمرأة الشرقية في «اللاتينية»
إكرام أنطاكي.. مسيرة عطاء شكلت صورة ذهنية مختلفة للمرأة الشرقية في «اللاتينية»
إكرام أنطاكي.. مسيرة عطاء شكلت صورة ذهنية مختلفة للمرأة الشرقية في «اللاتينية»
الكلمات المفتاحية