الإثنين 06 مايو 2024 الموافق 27 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

عن "الفساد وصوره".. نَص خطبة الجمعة اليوم

الجمعة 25/يونيو/2021 - 01:55 م
عن الفساد وصوره..
عن "الفساد وصوره".. نص خطبة الجمعة اليوم



تتناول خطبة الجمعة الموحدة التي أقرتها وزارة الأوقاف المصرية بجميع مساجدها المنتشرة على مستوى الجمهورية موضوع: "الفساد.. مخاطره وصوره المعاصرة"

هيرنيوز تنشر نص الخطبة في السطور التالية:


جاءت الشريعة الإسلامية بالصلاح والإصلاح معًا، وجعلتهما مطلبـًا شرعيـًّا وضرورة إنسانية؛ حيث يقول تعالى: (فَمَنِ اتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) كما حذرت من الفساد والإفساد، وبينت أنه خلق ذميم يبغضه الله (عز وجل)؛ حيث يقول سبحانه: (وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ويقول تعالي: (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ )، ويقول (جل وعلا): (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)، ويقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)، ويقول (تبارك وتعالي): (إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ)، ويقول نبينا (صلي الله عليه وسلم): (فأما مَنِ ابتغى وجهَ اللهِ، وأطاع الإمامَ، وأنفق الكريمةَ، وياسَر الشريكَ – أي: كان سمحـًا هينـًا - واجتنب الفسادَ، فإنَّ نومَه ونبهَه أجرٌ كلُّه).

خطر مباشر

إن المتأمل في القرآن الكريم يجد أنه قد أولى الحديث عن الفساد ومخاطره عناية خاصة؛ فقد أخبرنا سبحانه وتعالى أن الأنبياء وأهل الفضل في كل زمان ومكان ينهون عن الفساد،ويحذرون من المفسدين؛ حيث بقول تعالي: (وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)؛ وذلك لأن الفساد داء يقتل الطموح، ويدمر قيم المجتمع، ويعد خطرًا مباشرًا على الوطن، ويقف عقبة في سبل البناء والتنمية، ويبدد الموارد، ويهدر الطاقات.
وللفساد صوره المتنوعة، ومنها: الاحتكار، وبخس الموازين، وتطفيف الكيل؛ حيث يقول سبحانه: ( أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ، وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ، وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)، ومنها: الاختلاس، والرشوة، والغش، سواء أكان غشـًا في الكم بتطفيف الكيل أو الميزان أو المقياس أو الكميات، أم في النوع بمحاولة إظهار الرديء في صورة الجيد، فحين مر نبينا (صل الله عليه وسلم) علَى صُبْرَةِ طَعامٍ فأدْخَلَ يَدَهُ فيها، فَنالَتْ أصابِعُهُ بَلَلًا فقالَ: (ما هذا يا صاحِبَ الطَّعامِ؟) قالَ أصابَتْهُ السَّماءُ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: (أفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعامِ كَيْ يَراهُ النَّاسُ، مَن غَشَّ فليسَ مِنِّي).

صور الفساد

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه وسلم.
ومن صور الفساد: الاعتداء على أملاك الدولة أو أي من مرافقها بدون حق، والاعتداء بأي صورة من الصور على المال العام أو أعيان الوقف وأمواله، أو محاولة الاستفادة منه بأقل من القيمة العادلة، أو التهرب من سداد مستحقاته.

ومن صور الفساد المعاصرة: استغلال وسائل التواصل في نشر الشائعات وترويجها، والتجسس علي الناس، واختراق خصوصياتهم، وتتبع عوراتهم وغير ذلك مما يعد تهديدًا لأمن المجتمع واستقراره، وهذا من الإرجاف المنهي عنه، حيث يقول (جل شأنه): (لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا )، ويقول تعالى: (لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ)، ويقول سبحانه: (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا ۖ وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا)، ويقول (عز وجل): (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).

واجب شرعي

إن القضاء على الفساد وعمل الحوكمة الكفيلة بالقضاء عليه واجب شرعي ووطني ومجتمعي؛ حيث يقول الحق سبحانه: (فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ)، فالفساد نقمة والإصلاح نعمة، يقول تعالي: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)، ويقول سبحانه: (قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ۚ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
علي أننا نؤكد أن المفسد أو المختلس أو مستحل الحرام حتى إن أفلت من حساب الخلق فلن يفلت أبدًا من قبضة الخالق (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ ولا بَنُونَ، إلّا مَن أتى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).

اللهم قنا شر الفساد والمفسدين، واحفظ مصرنا، وسائر بلاد العالمين.

ads