الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

دارين السماوي تكتب: الملح والحب في تونس

الخميس 28/أبريل/2022 - 12:05 م
هير نيوز


 

قد تتساءل يا صديقي عن ماهية علاقة الملح بالحب في تونس وكيف أنه إذا اعتدل الملح في بلادي زاد الحب

وقبل أن أتعب رأسك بالبحث عن العلاقة بينهما وكيف أنّ كليهما إذا اعتدل كان طعمه أحلى وأجمل سوف أريحك وأجيبك، العلاقة ببساطة في كلمتين لا ثالث لهما وهما "حق الملح" وحق الملح يا صديقي هو عادة تونسية بحتة متأصلة منذ عصور في مجتمعنا، وتهدف هذه العادة إلى تكريم المرأة في عيد الفطر اعترافا لها بالمجهود الذي بذلته طوال شهر رمضان المبارك، وترمز تسمية حق الملح (ثمن الملح) إلى اضطرار الزوجة لتذوق الطعام وهي صائمة دون أن تبتلعه حتى تتأكد من اعتدال ملوحته وحتى يأكله زوجها وأولادها ويستمتعوا بطعمه اللذيذ وملحه المعتدل.

ويتمثل حق الملح في هدية يقدمها الزوج لزوجته صبيحة عيد الفطر المبارك، وعادة ما تكون هذه الهدية قطعة ذهبية أو فضية حسب مقدرة الزوج وتقدم الهدية في طقوس جميلة خاصة بها؛ حيث تستقبل الزوجة زوجها بعد عودته من صلاة العيد وهي في أبهى زينتها وتقوده إلى مجلس رتّب له خصيصًا لتقدم له القهوة والحلويات كضيف عزيز مبجل وبعد أن يشرب الزوج قهوته يعيد الفنجان وقد وضع داخله قطعة ذهبية، هذا إن كان مقتدرا وإلاّ فقطعة فضية تفي بالغرض، ويجلس الزوج و زوجته يتبادلان أطراف الحديث بمودة ورحمة ومحبة في لحظات يرفرف فيها الحب والاهتمام والعرفان بالجميل عليهما ليزيد تعلقهما ببعض ويكبر قدر كلّ منهما في عين الآخر.

"حق الملح" عادة جميلة تميزت بها تونس عن بقية البلدان ومارسها الآباء والأجداد على مرّ العصور، والآن يحاول كل من التونسيين والتونسيات حفظ هذه العادة الجميلة من الاندثار في ظلّ ظروف معيشية أصبح فيها الذهب بالنسبة لبعض العائلات بمثابة الحلم الجميل الذي لا يمكن أن يتجسد دائمًا على أرض الواقع، وقبل أن تخبي يا صديقي تلك الصحيفة حتى لا تقرأ زوجتك الجميلة هذا المقال وتطالبك بحق الملح أقول لك: إنّ حق الملح لا يجب أن يكون بالضرورة ذهبًا أو فضة بل يمكن أن يتجسد في نظرة حنان من عينيك تبعث بها لزوجتك رسالة تقول فيها بأنك تحبها أو كلمة رقيقة تعزف بها على أوتار مشاعرها أو لمسة حانية تنسيها كل المتاعب والانكسارات، ليس بالضرورة أبدًا أن تعطيها حق الملح يكفي يا صديقي أن تبقي على العشرة و"العيش والملح" على رأي إخوتنا المصريين.

كما أنّي أريد أن أهمس في أذن كل امرأة تقرأ المقال، وأقول لها: قبل أن تتطالبي زوجك يا صديقتي بحق الملح أو ما شابه، أعطيه حقه في الاهتمام والاحترام واقفلي أبواب النكد والغيرة والمطالب المجحفة، اجعلي أيامه حلوة عذبة وأعطيه أنتِ "حق السكر" ليعطيك هو "حق الملح".


دارين السماوي تكتب: الملح والحب في تونس

دارين السماوي تكتب: الملح والحب في تونس
ads