الجمعة 19 أبريل 2024 الموافق 10 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

حكم تجميل الحواجب وعلاقته بالنمص المنهي عنه شرعًا.. «الإفتاء» تُجيب

الإثنين 27/يونيو/2022 - 11:49 ص
هير نيوز

 

أرسلت سيدة إلى دار الإفتاء المصري، تستفتيها وتسألها عن حكم تهذيب الحواجب، وإزالة الشعر الزائد الذي قد يشوه شكلها او يؤذيها، وقالت السيدة في سؤالها: «ما حكم تهذيب المرأة لحاجبيها؟ وهل يختلف الحكم بين المتزوجة وغير المتزوجة؟ وهل يدخل ذلك في النهي عن النَّمص ولعنِ مَن تفعل ذلك أو ترضاه، كما ورد في الحديث الشريف؟».

 





 



تهذيب الحاجب 



ويجيب عن ذلك السؤال، فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الجمهورية، والذي قال: يجوز للمرأة شرعًا تهذيبُ حاجبيها بأخذِ الزائد عليهما، خصوصًا إذا كانا مُنَفِّرَين أو غير مألوفَين؛ كأن يكون الشعر خارجًا عن حدود الجزء الذي ينبت فيه، أو ممَّا يطولُ فيؤذي العين، ولا يختلف الحكم بالنسبة للمتزوجة عن غير المتزوجة، بشرط ألَّا يكون ذلك بغرض التدليس والتغرير بالخاطب، ولا يدخل ذلك تحت النهي الوارد في النَّمص ولعنِ مَن تفعله أو ترضى به.






 

زينة المرأة

 


 نَصَّتْ الشريعةُ على إباحة الوسائل التي تتخذها المرأة للتزين وتحسين مظهرها فيما أُبِيحَ لها إظهارُه من جسدِها، وهو الوجه والكفان والقدمان؛ مراعاة لأنوثتها وتمشِّيًا مع طبيعتها، وأخبر اللهُ تعالى أنه خلق المرأة مُحبَّةً للزينة، ووصفها بالتنشئة في الحلية؛ فقال سبحانه: ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ في الحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ [الزخرف: 18]، توجيهًا إلى رعاية هذا الطبع الجِبلِّي المُنشَّأِ على الحُسن والجمال، وتحذيرًا للناس من أن يقعنَ في التشَبُّهِ بالرجال؛ حتى ورد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يكره للمرأة أن تكون مرهاء أو سلتاء أو عطلاء؛ أخرجه عبد الملك بن حبيب في "أدب النساء" (1/ 280، ط. دار الغرب الإسلامي)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ثم قال: و(المرهاء) من النساء: غير المكتحلة، و(السلتاء): غير المختضبة، و(العطلاء): غير المتحلية.





اقرأ أيضًا..

حكم تعليق صورة لفتاة دون حجاب.. «الإفتاء» تجيب







 

الزينة الظاهرة 



فجعلت مِن الزينة الظاهرة المشروعة: كلُّ ما يَظهر في وجه المرأة وكفَّيْها؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور: 31]، مما جرت به أعرافُ النساء وعاداتُهنّ؛ كحُمرة الوجه وصفرته، وكحل العينين، وسواد الحاجبين، ونحو ذلك؛ لِما في تستُّره من الحَرج والضِّيق النفسي. 
فالزينة في أصلها على نوعين: خِلْقية، ومكتسبة. فالخِلْقية: ما كان في أصل خِلْقة المرأة. والمكتسبة: ما تتجمل بها مما زاد على أصل الخِلْقة. وقد نصت الآية على إباحة إبداء الزينة الظاهرة للمرأة على جهة الإطلاق، وهذا يشمل الخِلْقية منها والمكتسبة. 









قال الإمام ابن العربي في "أحكام القرآن" (3/ 381، ط. دار الكتب العلمية): [والزينة على قسمين: خلقية، ومكتسبة. فالخِلْقية: وجهُها؛ فإنه أصل الزينة وجمال الخلقة.. وأما الزينة المكتسبة: فهي ما تحاوله المرأة في تحسين خَلْقِها بالتصنع؛ كالثياب، والحُلِيّ، والكحل، والخضاب] اهـ. 
وكما أنَّ الشريعة طالبت الإنسان بأن يكون جميلَ الباطنِ حسنَ الطويَّة، طالبته أيضًا أن يكون جميلَ الظاهرِ حسنَ الهيئة، فيتفقُ جمالُ خِلْقَتِهِ (من حُسن الهيئة والنظافة)، مع صفاء جوهره وحُسن سريرته؛ حتى إِن الْحُكَمَاء وَالْعُلَمَاء قد استدلوا بِحسن الْخَلْقِ على حُسنِ الخُلُقِ؛ قَالُوا: اقصدوا بحوائجكم سماح الْوُجُوه فَإِنَّهُ أنجح لَهَا، أَو فَإِنَّهُ أَحْرَى أَن تُقضى، وَأَيْضًا فَإِن الْجمال وَالْحسن مَحْبُوب بالطبع ومرغوب فِيهِ، والقبح منفور عَنهُ؛ كما قال الإمام شمس الدين القرطبي في كتاب "الإعلام" (ص: 293، ط. دار التراث العربي)، وهي مما يشترك فيها الرجال والنساء، و"اتفقت الأُمَّة على استحسانها وأنها من الفطرة والملة". 








ومِن ذلك: ما تقوم به المرأة من الأخذ من حاجبيها؛ فقد ورد في السُنَّة وأقوال السلف والأئمة مشروعية ذلك لها؛ ضرورةَ إماطة الأذى عن وجهها، وأن ذلك ليس خاصًّا بالزوج؛ فعن امرأة ابن أبي الصَّقْرِ: أَنَّها كانت عند أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فسألتها امرأةٌ فقالت: يا أم المؤمنين، إن في وجهي شعرات؛ أَفَأَنْتِفُهُنَّ أَتَزَيَّنُ بذلك لزوجي؟ فقالت عائشة رضي الله عنها: "أَمِيطِي عَنْكِ الْأَذَى، وَتَصَنَّعِي لِزَوْجِكِ كَمَا تَصَنَّعِينَ لِلزِّيَارَةِ" أخرجه عبد الرزاق في "المصنف". وفي رواية عن أبي إسحاق قال: وسألتْهَا امرأتي عن المرأةِ تحفُّ جبينَهَا؟ فقالت: "أَمِيطِي عَنْكِ الأَذَى مَا اسْتَطَعْتِ" أخرجه ابن الجعد في "المسند". وفي رواية: أنَّ امرأةً سألتها عن الحف؟ فقالت: "أَمِيطِي الْأَذَى عَنْ وَجْهِكِ" رواه القاضي أبو يوسف في "الآثار" وابن الجعد في "المسند".

فإن كان للزوج فهو في الإباحة آكد؛ لما في رواية بَكرَةَ بنت عقبة: "إِنْ كَانَ لَكِ زَوْجٌ فَاسْتَطَعْتِ أَنْ تَنْزِعِي مُقْلَتَيكِ فَتَصْنَعِيهِمَا أَحْسَنَ مِمَّا هُمَا فَافْعَلِي" رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى". 

والحكم بالمنع في الأحاديث ليس على إطلاقه، بل هو مخصوصٌ بالمرأة المنهية عن الزينة، وقد تقرر أنَّ "جميع عمومات الشرع مخصَّصة بشروط في الأصل والمحل والسبب؛ إما بدليل العقل أو السمع أو غيرهما، وقلَّما يوجد عامٌّ لا يُخصَّص"؛ كما قال حجة الإسلام الغزالي في "المستصفى" (ص: 245، ط. دار الكتب العلمية).

 




 

 

 

حواجب منفرة 



وكونُ حاجبي المرأة غير مألوفَين أو مُنَفِّرَين لا يخرج عن جملة العيوب المستثناة من الكراهة؛ سواء كان لها زوجٌ أو فعلته رغبةً في النكاح، فيدخل ذلك ضمنَ ما أجازوه للحاجة، وتنتفي الكراهة إن كان تهذيبهما لحاجة معتبرة؛ لما تقرّر في قواعد الفقه أن "الكراهة تزول بأدنى حاجة"، فقد يكون الشيء مكروهًا في أصله، فإذا اقتضته الحاجة انتفت كراهته؛ كما نص عليه الإمامُ ابن مازه الحنفي [ت: 616هـ] في "المحيط البرهاني" (2/ 192، 5/ 403، ط. دار الكتب العلمية)، ونقله العلامة أبو عبد الله المواق في "التاج والإكليل" (6/ 153، ط. دار الكتب العلمية) عن الإمام مالك، والإمامُ النووي في "المجموع" (1/ 486، ط. دار الطباعة المنيرية)، والعلامةُ السفاريني الحنبلي في "غذاء الألباب" (2/ 22، ط. مؤسسة قرطبة). 




 

وبناءً على ذلك: فيجوز للمرأة شرعًا تهذيبُ حاجبيها بأخذِ الزائد عليهما، خصوصًا إذا كانا مُنَفِّرَين أو غير مألوفَين؛ كأن يكون الشعر خارجًا عن حدود منابته، أو ممَّا يطول فيؤذي العين، ولا يختلف الحكم بالنسبة للمتزوجة عن غير المتزوجة، بشرط ألَّا يكون ذلك بغرض التدليس والتغرير بالخاطب، ولا يدخل ذلك تحت النهي الوارد في النَّمص ولعنِ مَن تفعله أو ترضى به. 
والله سبحانه وتعالى أعلم 

 

ads