الأحد 28 أبريل 2024 الموافق 19 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

قضية أميرة شنب| «الإفتاء»: الشرع منع تربية الكلب المؤذي ويجوز قتله بهذه الحالة

الأحد 05/مارس/2023 - 11:16 م
كلب
كلب

أثارت قضية كلب المذيعة أميرة شنب حالة كبيرة من الاستياء، بعدما عقر مدير بنك في "كمبوند" شهير بمنطقة الشيخ زايد، خاصة وان الكلب من نوع "بيتبول" المشهور بشراسته الكبيرة وقدرته على إلحاق الأذى بأي شخص، وهو ما جعل الكثير يتساءل عن حكم تربية الكلاب المؤذية، وهل يجوز قتل الكلب في حال العجز عن مواجهة إيذاء ذلك الكلب؟ ذلك ما تجيب عنه دار الإفتاء المصرية، في فتاوى سابقة لها. 

 

حكم تربية الكلب المؤذي 

وقالت دار الإفتاء، في فتوى لفضيلة الأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتي الجمهورية: من القواعد الفقهية المقررة شرعًا أنه "لا ضَررَ ولا ضِرارَ"، وأن "الضَّررَ يُزالُ"، وأن "الضَّررَ لا يُزالُ بالضَّرر"؛ ولذلك منع الشرع من اتخاذ الكلب إذا كان مؤذيًا، وجعل حقًّا للإنسان أن يدفع ضرر الحيوانات المؤذية عن نفسه ما استطاع ولو بقتلها إن لم يندفع ضررُها إلَّا بقتلها. 

 

الخمس الفواسق 

ونصَّ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك فقال: «خَمسٌ فَواسِقُ يُقتَلنَ في الحِلِّ والحَرَمِ: الغُرابُ، والحِدَأةُ، والعَقرَبُ، والفَأرةُ، والكَلبُ العَقُورُ» متفق عليه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ولا مفهوم هنا للعدد، بل غير الخمس يشترك معها في الحكم إن شاركها في علة الإيذاء والضرر؛ فقد زاد مسلم "الحَيَّة" في رواية، وزاد أبو داود من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه "السَّبُع العادي"، وزاد ابن خُزَيمة وابنُ المنذر من حديث أبي هريرة رضي الله عنه "الذئب، والنَّمِر"، وجعلهما بعض العلماء تفسيرًا للكلب العقور، فهذه تسعة حيوانات وردت في روايات مختلفة؛ جاءت للتنبيه بذكرها على ما في معناها من الحيوانات المؤذية. 

 

الحيوانات المؤذية والضارة 

 والحُكم يَدُور مع عِلَّته وُجُودًا وعَدَمًا؛ فليس كل الحيوانات الضالَّة مؤذيًا، والكلب المنهي عن اتخاذه إما أن يكون مؤذيًا -بنباحه وتخويفه للمارة أو عدوانه أو إتلافه ما له قيمةٌ أو غير ذلك- وإما لا يكون كذلك، فإن كان مؤذيًا فلا خلاف في جواز قتله إن لم يندفع ضررُه إلا بذلك، وإن كان غير مؤذٍ فالصواب أنه لا يجوز قتل ما لا ضرر فيه؛ لِما رواه الإمام مسلم في "صحيحه" عن عبدِ اللهِ بنِ المُغَفَّلِ رضي الله عنه قال: "أَمَرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم بقَتلِ الكِلابِ ثُم قال: «ما بالُهُم وبالُ الكِلابِ!» ثُم رَخَّصَ في كَلبِ الصَّيدِ وكَلبِ الغَنَمِ"، ولعموم الأدلة الشرعية الدالة على وجوب الإحسان إلى الحيوان وعدم أذيته. 

 

وعلى ذلك: فإنه لا يجوز قتل الكلاب الضالَّة إلا إذا كانت ضارة؛ كأن تصبح مهدِّدة لأمن المجتمع وسلامة المواطنين، وكان القتل هو الوسيلة الوحيدة لكفِّ أذاها عن الناس. 
وإذا قُتِلت الكلاب والحيوانات المؤذية يجب مراعاة الإحسان في قتلها؛ كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: «إنَّ اللهَ كَتَبَ الإحسانَ على كُلِّ شَيءٍ؛ فإذا قَتَلتم فأَحسِنُوا القِتلةَ، وإذا ذَبَحتم فأَحسِنُوا الذِّبحةَ، وليُحِدَّ أَحَدُكم شَفرَتَه، وليُرِحْ ذَبِيحَتَه» رواه مسلم وغيره من حديث شَدادِ بنِ أَوسٍ رضي الله عنه. فلا تُقتَل بطريقة فيها تعذيب لها؛ ولذلك نَهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَن يُقتَلَ شَيءٌ مِنَ الدَّوابِّ صَبرًا. 

 

تعذيب الكلاب والحيوانات المؤذية 

ولا يجوز تعذيب الكلاب والحيوانات المؤذية، ولا يجوز اللجوء إلى الطرق الوحشية في قتلها، ولا يجوز كذلك العبث بجثثها أو تشويه أجسادها، وعلى مَن أراد قتل الكلاب والحيوانات المؤذية -إذا لم يجد سبيلًا غير ذلك- أن يتحرى الطرق السهلة السريعة في ذلك بحيث لا يكون فيها تعذيب ولا إيلام لها، وأن يواريها بعد ذلك بعيدًا عن عبث الناس بجُثَثِها أو تَأَذِّيهم مِن جِيَفِها. 
مع التنبيه على أن قتل الحيوانات المؤذية لا ينبغي أن يصير سلوكًا عامًّا يتسلط فيه الإنسان على هذه الأنواع من الحيوانات بالإبادة والإهلاك، بل على الجهات المختصة إيجادُ البدائل التي تحمي الناس من شرور هذه الحيوانات وتساعد -في الوقت نفسه- على الحفاظ على التوازن البيئي في الطبيعة التي خلقها الله تعالى على أحسن نظام وأبدعه وأحكمه. 
 


القطط والكلاب 

أما فضيلة الأستاذ الدكتور نصر فريد واصل، مفتي الجمهورية السابق، فقال، في فتوى سابقة لدار الإفتاء المصرية، إن القطط والكلاب وغيرها مِن مخلوقات الله التي لا يصحّ إيذاؤها، أو إيقاع الضرر بها؛ فإذا كان بعضها يشَكِّل خطرًا على حياة الإنسان ويُهدّده في نفسه أو ماله أو أولاده؛ فإنَّ الشريعة الإسلامية أجازت للإنسان رفع هذا الضرر، ويكون في الحالة المذكورة بإرشاد السيدة المذكورة بأنْ تُوجِد مكانًا تخصصه لما تقتنيه مِن القطط أو الكلاب بعيدًا عن المكان العام حتي لا تؤذي الناس، فإذا لم تستجب لذلك وجب حينئذٍ اللجوء إلى إبلاغ الجهات المختصة؛ لاتخاذ ما تراه مناسبًا للتخلص مِن هذه الحيوانات التي تُسَبِّب ضررًا للإنسان وتؤذيه؛ فإذا لم تُجْدِ الطرق السالف ذكرها، وتحقّق ضرر على صحة الناس من ذلك؛ فإنَّه لا مانع شرعًا في الحالة المذكورة وعند الضرورة القصوى التخلّص من الحيوانات الضالة والضارة شريطة أن يكون ذلك بوسيلة لا تُؤْذِي الشعور الإنساني، و"الضرورة تقدر بقدرها"، وإذا أمعن الإنسان عقله فسوف لا يُحْرَم من الوسيلة التي تؤدي إلى الغرض المطلوب. 

 
والتخلص من هذه الحيوانات الضالة الضارة بالإنسان يستوجب اتباع الطرق الآتية: 
 
أولًا: إرشاد السيدة التي تقوم باقتناء القطط الضالة بالطرق الودية بأنْ توجد مكانًا تخصصه لما تقتنيه مِن القطط بعيدًا عن المكان، وعن مدخل العمارة الذي يعتبر منفعة عامة للجميع يجب المحافظة على نظافته، مع التزام الجميع بالمحافظة على نظافته وعدم تلوث البيئة؛ لأنَّ الإسلام دين النظافة والطهارة، وقد أُمرنا بالمحافظة على صحة الإنسان، وعدم تعريضه للهلاك؛ عملًا بقوله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [اليقرة: 195]. 

 
ثانيًا: إذا تمَّ ما سبق ولم يأت بالثمرة المطلوبة وجب على السائل وعلى الجميع اللجوء إلى إبلاغ الجهات المختصة؛ لاتخاذ ما تراه مناسبًا للتخلص مِن هذه الحيوانات التي تُسَبِّب ضررًا للإنسان وتؤذيه التي منها جمعية الرفق بالحيوان، وجهاز حماية البيئة، ووزارة الصحة، وغير ذلك من الجهات الحكومية المعنية بذلك. 



التخلص من الحيوانات الضالة 

ثالثًا: إذا لم تُجْدِ الطرق السالف ذكرها، وتحقّق ضرر على صحة الناس من وجود هذه الحيوانات الضارة؛ فإنَّ دار الإفتاء المصرية -وبناءً على ما سبق- ترى أنَّه لا مانع شرعًا إذا وصلت النتيجة إلى ذلك وعند الضرورة القصوى التخلص من الحيوانات الضالة والضارة شريطة أن يكون ذلك بوسيلة لا تؤذي الشعور الإنساني، و"الضرورة تقدر بقدرها"، وإذا أمعن الإنسان عقله فسوف لا يُحْرَم من الوسيلة التي تؤدي إلى الغرض المطلوب. وممَّا ذُكِر يعلم الجواب. 
والله سبحانه وتعالى أعلم.

ads