رئيس مجلس الأدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند أبو ضيف
هير نيوز هير نيوز
رئيس مجلس الأدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند أبو ضيف

بقلم هادي اليامي: الإنسان أولا رؤية في العمل الإنساني

هير نيوز

يوافق التاسع عشر من أغسطس من كل عام اليوم العالمي للعمل الإنساني، وهو محطة مهمة للتأمل في حجم التحديات الإنسانية التي تواجه البشرية، وللاحتفاء بالجهود التي تبذلها الدول والمؤسسات والمنظمات في التخفيف من المعاناة الإنسانية حول العالم. هذا اليوم يذكرنا بأن قضايا الفقر والنزاعات والكوارث الطبيعية لا يمكن أن تواجه إلا بروح التضامن والعمل الجماعي، وبأن بناء الإنسان وحماية كرامته هما حجر الأساس لأي مشروع تنموي أو سلام عالمي.

وعلى مدى عقود، رسخت المملكة العربية السعودية موقعها الريادي كداعم أول للعمل الإنساني، ليس فقط في محيطها العربي والإسلامي، بل على مستوى العالم أجمع. وقد جاء اختيار المملكة في قائمة أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنسانية، تأكيداً على أن العطاء الإنساني جزء أصيل من سياسة الدولة وثقافتها المجتمعية.

من اللافت أن القيادة السعودية تنطلق في نهجها من رؤية واضحة تعلي قيمة الإنسان. وقد لخص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز هذه الرؤية بقوله: «النهج التنموي في المملكة يستهدف صنع نهضة شاملة ومستدامة محورها الإنسان». فيما أكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن «بناء الإنسان هو أساس التنمية والسلام».

هاتان العبارتان لا تعكسان مجرد شعارات، بل تختزلان مسيرة ممتدة جعلت المملكة تركز على الإنسان باعتباره غاية التنمية ووسيلتها. فالإنسان الذي يحظى بالتعليم والصحة والكرامة هو وحده القادر على المساهمة في بناء أوطان مستقرة وآمنة.

إذا كانت الأرقام خير برهان، فإن ما قدمته السعودية في المجال الإنساني والتنموي يفوق الوصف. فبحسب الإحصاءات الرسمية:

بلغ عدد المشاريع الإنسانية والتنموية أكثر من 7983 مشروعاً. تجاوزت قيمة المساعدات 530 مليار ريال سعودي. وصلت إلى أكثر من 173 دولة حول العالم. شملت 47 قطاعاً، توزعت بين الإغاثة العاجلة، والتنمية، والصحة، والتعليم، والبرامج الإنسانية الأخرى. هذه الأرقام تكشف أن العطاء السعودي لم يكن موسمياً أو انتقائياً، بل جاء شاملاً ومستداماً ومتواصلاً. وهو ما يضع المملكة في طليعة الدول المانحة، ويجعلها نموذجاً يحتذى في تحويل القيم الإنسانية إلى برامج عملية.

الميزة البارزة في التجربة السعودية أنها لم تحصر المساعدات في الإغاثة الطارئة فقط، وإنما ربطت بين العمل الإنساني والتنمية المستدامة. فالمشاريع التي تدعمها المملكة في الصحة والتعليم والبنية التحتية تعكس وعياً بأن الاستثمار في الإنسان هو الطريق لبناء السلام الحقيقي.

فقدمت مبادرات نوعية أسهمت في بناء المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية، فضلاً عن المساعدات الإغاثية العاجلة التي تصل بسرعة إلى المتضررين من الكوارث الطبيعية أو الأزمات السياسية. هذا الجمع بين الإغاثة والتنمية يعكس نضج الرؤية ويؤكد شمولية النهج.

وفي هذا العام، لا يمكن أن نمر باليوم العالمي للعمل الإنساني من دون التوقف عند معاناة الشعب الفلسطيني في غزة. فالصور التي تخرج من هناك يومياً تختصر معنى الألم الإنساني، وتضع المجتمع الدولي أمام امتحان عسير.

ما يعيشه المدنيون من حصار ونزوح وافتقاد لأبسط مقومات الحياة يطرح تساؤلاً جوهرياً: أين يقف العالم من مسؤوليته الأخلاقية والقانونية تجاه شعب أعزل؟ وفي الوقت الذي تتردد فيه بعض القوى الدولية في اتخاذ مواقف حاسمة لحماية المدنيين، نجد أن السعودية لم تتخل عن دورها، فقدمت الدعم المتواصل والإغاثة العاجلة، وعملت على حشد المواقف الداعمة لحماية حقوق الإنسان الفلسطيني.

هذا التباين بين خطاب دولي يرفع الشعارات دون فعل، وبين نهج سعودي يمارس العطاء على الأرض، يعكس أهمية أن يكون العمل الإنساني فعلاً متواصلاً لا مناسبة سنوية.

السعودية من خلال تجربتها العميقة تثبت أن العمل الإنساني ليس ترفاً أو دعاية، بل هو التزام أخلاقي وإستراتيجي يعزز الأمن والسلام الدوليين. ومن هنا، فإن المجتمع الدولي مدعو إلى الارتقاء بجهوده إلى مستوى التحديات القائمة. وتتطلب إرادة صادقة تضع الإنسان في قلب أي مشروع للتنمية أو التسوية السياسية

يأتي اليوم العالمي للعمل الإنساني هذا العام ليذكرنا بأن التضامن ليس خياراً بل ضرورة وجودية. والمملكة العربية السعودية تقدم نموذجاً عملياً قائماً على الإنسان أولاً، حيث يتجسد هذا الشعار في مشاريع ومبادرات وأرقام واقعية. وفي المقابل، فإن معاناة غزة تدعونا جميعاً إلى المطالبة بمزيد من الفعل الدولي المسؤول، حتى لا تبقى الإنسانية مجرد شعار يرفع في المناسبات.

إن بناء الإنسان هو الطريق الأقصر إلى التنمية والسلام، وهذا ما آمنت به المملكة، وجعلته واقعاً ملموساً للعالم أجمع.

نقلا عن الوطن السعودية

تم نسخ الرابط