الخميس 02 مايو 2024 الموافق 23 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

«في عيد الأم»| عقوق الأبناء ينال من الأمهات و«عقاب الله شديد»

الثلاثاء 21/مارس/2023 - 12:23 ص
هير نيوز

عقوق الأم له تأثير سلبي على المجتمع، بل قد يدمره تدميرا، فتلاحظ خلال الفترة الأخيرة العديد من الجرائم التي يرتكبها الأبناء بحق الأمهات، والتي يندى لها الجبين، ودقت جرس إنذار شديد لما هو قادم، فهذه الابنة تقتل والدتها من أجل عشيقها في بورسعيد، وهذا الابن يحاول اغتصاب والدته تحت تأثير المخدرات، وهذا الابن يضرب والدته العجوز بعد أن سأم من مرضها وشيخوختها.

كل هذه الجرائم حدثت في فارق زمني بسيط، يعكس ما وصل إليه المجتمع من تدني في الأخلاق والقيم والبعد عن الدين، ورغم أننا نحتفل حاليا بعيد الأم، إلا أن الاحتفال يأتي منقوصا لما تعاني منه العديد من الأمهات وما نطالعه في الصحف من جرائم بشعة بحقهن.. وتحاول "هير نيوز" إلقاء الضوء على تلك القضية المهمة قبل أن تتحول إلى ظاهرة، من خلال السطور التالية..

معنى عقوق الأم هو قيام الأبناء بأي فعل مسيء للأم والتسبب في إغضابها أو حزنها أو إلحاق الضرر والأذى بها مادياً أو معنوياً، وكلمة العقوق في اللغة مأخوذة من عقَّ وتعني قطع، وعقوق الأم يعني مقاطعتها أو قطع الإحسان عنها، وعقوق الابن لأمه يعني عصيانها وجحوده بفضلها.



وعقوق الأم في الإسلام من الكبائر التي حذر منها الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلّم في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، وعدّ الله تعالى برّ الوالدين واجباً على كل مسلم والإحسان إليهما طاعة لله، حتى جعل البرّ من الوصايا المؤكّد عليها كما في قوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُواْ إلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَلِدَيْنِ إِحْسَنًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) الإسراء 23.

وأبرز أشكال عقوق الأم رفع الصوت عليها أو التذمر والتأفف والمجادلات الحادة معها وشتمها أو التسبب بالشتيمة لها، وعصيان أوامرها أو هجرها وعدم الإحسان إليها بعد الزواج أو بحجج الانشغال بالحياة.

أسباب العقوق


قلة الوعي بفضل برّ الأم: قد يكون السبب الرئيسي لعقوق الأم جهل الأبناء بفضل برّ الأم وجزاء أو عقوبة عقوقها، فعقوق الأم له عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة، والاستخفاف بهذه العواقب قد يكون دافعاً لإساءة الأدب معها أو ظلمها.

صغر سن الأبناء: في معظم الحالات يدخل الأبناء والآباء في صراع حاد عندما يصل الأبناء لسن المراهقة، وقد يستمر هذا الصراع حتى تجاوز مرحلة الشباب، ويكون عقوق الأم أحد مظاهره، فصغر السن يجعل الابن مندفعاً ومستعجلاً على الحياة ولا يقدّر تضحيات والديه وحبهما له وخوفهما عليه.

سوء أخلاق الابن: قد لا يهتم الابن بمشاعر والدته ولا يبالي بما يسبب لها الانزعاج والغضب نتيجة أخلاقه السيئة التي اكتسبها من تربية والديه أو من محيطه الاجتماعية، خصوصاً الأبناء الذين يتمسكون بفكرة التحرر والاستقلالية وكسر قيود سيطرة الوالدين على حياتهما.

عدم التنشئة الصحيحة: التربية على الأخلاق والدين الصحيح هي من أساس سلوكيات الابن التي تستمر معه للكبر، والتربية على الاحترام لبقية أفراد الأسرة تلعب دوراً أساسياً في تفادي وقوع الأبناء بعقوق الوالدين، لكن إذا أهمل الوالدان تنشئة الأبناء على قواعد احترام الغير والمبادئ الدينية والاجتماعية السليمة سيحصدون ذلك عقوقاً وتمرداً وعصياناً.

رفاق السوء: الصحبة السيئة من أكثر العوامل التي تؤثر على الأبناء في التعامل مع الوالدين، فقد يكون الصديق سيء الخلق ويتعلم منه الابن سوء التعامل مع الوالدين وعدم احترامهما أو تجاهل حقوقهما عليه.

الوضع المادي: سوء الوضع المادي والاجتماعي سبب من أسباب عقوق الوالدين، فقد يرى الشاب في مرحلة المراهقة كيف يعيش غيره من الأصدقاء والشبان ما يدفعه للتذمر من الوضع الذي يعيش به فيكره والديه ويبدأ بالضجر وافتعال المشاكل معهم.



كيف تتعامل الأم مع الابن العاق؟


حسن التربية: تساعد التربية الحسنة منذ الصغر في زيادة وعي الطفل في الكبر لأهمية برِّ الوالدين، وفي حال عصيانه وعقوقه لهما تكون إعادة تقويمه وتوعيته لخطورة عقوق الوالدين وآثاره أسهل.

العقاب بالحرمان: عندما يلاحظ الأهل بداية تمرد الطفل عليهم وعقوقه لهم يجب عليهم معاقبته بالحرمان من بعض الأمور التي يحبها مثل الذهاب للعب مع أصدقائه أو حرمانه من مصروفه، ويجب أن يعرف أن هذا الحرمان بسبب سوء تصرفه مع والديه.

محاولة هدايته: في المراحل العمرية الصغيرة تكون هداية الطفل العاق أسهل، فيمكن للأم هداية الطفل بالموعظة من خلال القدوة الحسنة أو تعليمه بعض الأحاديث التي تتحدث عن عقوق الوالدين وأثره السلبي عليه وعلى المجتمع.

التهديد بالضرب إذا لزم الأمر: قد لا تفيد الطرق السابقة في هداية الطفل العاق فيتوجب على الأم محاولة تأدبيه بالتهديد بالضرب إذا لزم الأمر وفق حدود الشريعة ودون تعدٍّ أو أذى.

هجر الابن العاق ومعاقبته: من الطرق التي يمكن اتباعها للتخلص من شرّ الابن العاق هو هجران الأم له ومقاطعته إلى أن يعدل عن هذا العقوق.

طلب تدخل الغير: في حال لم يجد الأهل فائدة ترجى من هجران الابن العاق يجب السماح لكبار العائلة بالتدخل خاصةً لمن يستمع له الابن عادةً، محاولةً منهم لإقناعه بإيقاف شره عن والديه وعدم التعرض إليهم على الأقل.

الشكوى للسلطات المختصة: قد يصل عقوق الأم لمرحلة خطيرة من الأذى النفسي والجسدي والمادي الذي يسببه الابن، وفي هذه الحالة على الأم طلب الحماية من السلطات المختصة لتقف بينها وبين الابن العاق وتمنع عنها الضرر.

جزاء عقوق الأم وعقوبته في الدنيا والآخرة


من يعق والديه لا يدخل الجنة: والدليل على هذا ما ورد في السنة النبوية الشريفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "لا يدخُلُ الجنَّةَ عاقٌّ ولا منّانٌ ولا مُدمِنُ خمرٍ" رواه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وأخرجه الألباني وآخرون.

من يسب ويشتم والديه ملعونٌ عند الله: عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: "ملعونٌ مَنْ سبَّ أباهُ، ملعونٌ مَنْ سَبَّ أُمَّهُ" أخرجه الألباني، ويعتبر شتم الوالدين أو إهانتهما أو التسبب بتعرضهما للشتم والإهانة من أكبر مظاهر العقوق.

لعقوق الأم جزاء في الدنيا: جميعنا يسمع أن الولد العاق أموره في الدنيا عسيرة، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلّم أن عقوق الوالدين من الأمور التي لها عقوبة عاجلة في الدنيا وآجلة في الآخرة، عن أبو بكرة نفيع بن حارث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "كلُّ ذنوبٍ يؤخِرُ اللهُ منها ما شاءَ إلى يومِ القيامةِ إلَّا البَغيَ وعقوقَ الوالدَينِ، أو قطيعةَ الرَّحمِ، يُعجِلُ لصاحبِها في الدُّنيا قبلَ المَوتِ" أخرجه البخاري.

من لا يبر أهله في حياتهم يدخل النار: عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "شَقِي عبدٌ أدرك والدَيْه أو أحدَهما فلم يُدخِلاه الجنَّةَ"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: إن جبريل عليه السلام أتاني فقال...ومن أدركَ أبويهِ أو أَحدهمَا فلم يبرَّهُما، فماتَ، فدخل النارَ، فأَبعدهُ اللهُ" أخرجه الألباني في صحيح الترغيب.

دعاء الوالدين على الابن العاق مستجاب: والدليل على ذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: "ثلاثُ دعواتٍ مستجاباتٌ لا شَكَّ فيهِنَّ؛ دَعوةُ المظلومِ، ودعوةُ المسافرِ، ودعوةُ الوالدِ على ولدِهِ" أخرجه الترمذي.



كيف يؤثر عقوق الأبناء ضد الأمهات على المجتمع؟


تفكك الأسرة: إن وجود ابن عاق في الأسرة يهدد كيان الأسرة ككل ويزيد من المشاكل الأسرية ما يؤدي بالنهاية إلى تفكك الأسرة، كما أن الأسرة التي يغيب فيها الإحسان لا يمكن أن تكون أسرة داعمة لأفرادها، وأولى الناس بالإحسان الوالدان.

فقدان الاحترام بين أفراد العائلة: وجود الابن العاق قد يسبب غياب وضعف قواعد الاحترام في الأسرة وانتقال العادات والسلوكيات السيئة من الابن العاق إلى أخوته.

قطع الرحم: على الرغم أن معظم الأهل يكرهون بعض تصرفات أبنائهم ولا يكرهون الأبناء أنفسهم، لكن العقوق قد يجعل الأهل غير راغبين بالتواصل مع أبنائهم ويرغبون بتذكر الأطفال الودعاء الصغر بدلاً من الدخول مع الأبناء في صراعاتٍ تؤذي الأهل معنوياً بالدرجة الأولى.

زيادة المشاكل السلوكية: يؤثر عقوق الوالدين على سلوك أفراد الأسرة كاملة ليس فقط في المنزل وانما خارجه، ما يؤثر أيضاً على المجتمع تأثير سلبي بسبب تغيير سلوك الأفراد الناتج عن فقدان القدوة الحسنة، وجميعنا يعلم المثل الشعبي من ليس فيه خير لأهله ليس فيه خير لأحد.

زيادة العنف اتجاه كبار السن: إن عقوق الوالدين يظهر كشكل من أشكال العنف مع كبار السن، فقد يصبح الابن عاق عندما يتقدم والديه في العمر ويصبحون عاجزين عن القيام بأنفسهم ما يجعل الابن يضجر ويبدأ بتعنيفهم والإساءة إليهم.

العدوى الاجتماعية: يتأثر المجتمع بانتشار الظواهر السلبية والإيجابية معاً، لذلك يعتبر نشر الوعي بأهمية وفضل برّ الوالدين من واجبات الجميع للحفاظ على مجتمع مسالم ومترابط.

ads