الخميس 02 مايو 2024 الموافق 23 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

نساء في الإسلام| السيدة خديجة سند الرسول وملاذه «إني قد رزقت حبها»

الجمعة 31/مارس/2023 - 10:26 م
أم المؤمنين السيدة
أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد

كرم الإسلام المرأة، ونظر إليها نظرة احترام وإجلال، واعتبرها شريكة الرجل في جميع شؤون حياته وفي تحمل مسؤولياته ورعاية بيته وأسرته، فهي الأم والأخت والزوجة والابنة، وفي القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة الكثير من الآيات والأحاديث التي توصي بالمرأة، وتحض على تكريمها وحسن معاملتها، كما أنزلت سورة كاملة وسميت بـ«النساء»، وذكرت العديد من النساء في القرآن الكريم وفي السيرة النبوية المطهرة وفي التاريخ الإسلامي، سواء بالاسم الصريح أو بالإشارة، ومنهن النساء الصالحات، ومنهن ما دون ذلك، وهو ما تتناوله «هير نيوز» خلال السطور التالية، على مدى أيام شهر رمضان الكريم.       

 

زوجات الرسول

لزوجات النبي محمد صلى الله عليه وسلم مكانة خاصة في الإسلام ولدى المسلمين، فهن أمهات المؤمنين، وهن اللاتي ذكرهن الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}، وقال الله عز وجل: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}، وأول نساء النبي هي أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، أول من أسلم على الإطلاق، وهي التي ساندت الرسول صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، ومنذ نزول الوحي عليه، فكانت له سكنا وحماية وملاذا وراحة وطمأنينة، حتى توفيت بعد عشر سنين من بعثة الرسول، وسميت سنة وفاتها بعام الحزن لأنها توفيت بعد أبو طالب عم الرسول بثلاث أيام. 

 

من هي السيدة خديجة؟

هي خديجة بنت خويلد بن أسد القرشية، وأمها فاطمة بنت زائدة العامرية، وكانت تكنى بأم القاسم، ولقبها في الجاهلية بالطاهر، وهي أول زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وأول امرأة تدخل الإسلام. 

وكانت السيدة خديجة تزوجت من رجلين وتوفيا قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولها ولد اسمه هند بن أبي هالة، وكانت معروفة بأنها امرأة جميلة شريفة غنية عاقلة حكيمة، وبذلك جمعت لها صفات الشرف، أما النبي محمد صلى الله عليه وسلم فقد كان يتيماً فقيراً لا يطمع بامرأة من ذلك المستوى الاجتماعي، كما أنه قد تأخر زواجه لفقره واشتغاله برعي الغنم، ثم بدأ يعمل بالتجارة، وسمعت السيدة خديجة بأمانته فطلبته أن يعمل معها في تجارتها.
اقرأ أيضا


تجارة النبي مع خديجة

خرج النبي صلى الله عليه وسلم بتجارة خديجة مع غلامها ميسرة، وذلك في رحلة إلى الشام، فباع ما فيها ثم اشترى بضائع وباعها في مكة فربح مرّتين، وجاء بكلّ الأرباح إلى خديجة ففرحت بذلك وأعجبت بأمانته وما بلغها عنه من الأخلاق الرفيعة التي ذكرها لها غلامها ميسرة. 

 

قصة زواج الرسول من خديجة

تحدثت السيدة خديجة مع امرأة اسمها "نفيسة" عن رغبتها في الزواج من "محمد" ولكنها كانت تشعر بالتردد بسبب فارق السّن بينهما، فهي بعمر الأربعين ورسول الله بعمر 25. 

وجاءت نفيسة إلى "محمد" صلى الله عليه وسلم، وسألته عن تأخره في الزواج، أخبرها أن ذلك بسبب ضيق ذات اليد، فقالت له نفيسة: هل لك في المال والجمال والشرف والكفاءة؟ قال: مَنْ؟ قالت: خديجة بنت خويلد. قال: أنّى لي بخديجة؟ - حيث كانت ترفض أشراف القوم الذي كانوا يتقدّمون لها -، قالت: أنا لك بها. 

وفعلاً تم الزواج المبارك بين الرسول صلى الله عليه وسلم والسيدة خديجة، ورزق النبي منها: بأولاده الذكور "القاسم وعبد الله"، والبنات "زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة"، وعاشا سويا حياة سعيدة هانئة لا مشاكل فيها. 

وكان قد حُبّب إلى النبي صلى الله عليه وسلم "التحنّث" وهو الانقطاع للعبادة، فكان يذهب إلى غار حراء ويظل فيه أياما عدة، وكانت السيدة خديجة ترعاه فترسل له من يحرسه وترسل له الزاد، واستمر على ذلك لأعوام حتى بلغ سنّ الـ 40. 
اقرأ أيضا



 

مساندة السيدة خديجة للرسول

وعندما كان النبي في الغار يتعبّد، نزل عليه جبريل عليه السلام، وقال له: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: 

اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}. 

رجع رسول الله يرتجف فؤاده من الخوف، ودخل على السيدة خديجة وهو يقول: «زملوني، زملوني»، فغطّته حتى هدأ وذهب عنه الروع والخوف، وأخبرها بما جرى معه وقال: «لقد خشيت على نفسي»، فقالت خديجة: «كلا والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكَلّ، وتكسب المعدوم، وتُقري الضيف، وتُعين على نوائب الحق». 

انطلقت خديجة مع نبي الله حتى أتت ورقة بن نوفل ابن عمها، وكان قد تنصر في الجاهلية وكان شيخًا كبيرا أعمى، فقالت له خديجة: يا ابن عم، اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي، ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله ما رأى، فقال له ورقة: «هذا الناموس الذي نزَّل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعًا، ليتني أكون حيًا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله: أو مُخرِجِيَّ هم؟ قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عُودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا». 

 

اسلام خديجة بن خويلد 

كانت السيدة خديجة رضي الله عنها أول أسلم من الخلق أجمعين، فحازت مرتبة يتمنّاها الرجال والنساء، وبلغت في ذلك مكانة رفيعة سامية، وأسلم كلّ من كان في بيتها: وهم علي بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وأبناؤها وبناتها، وبدأت مرحلة الصراع والمواجهة في الدعوة إلى دين الله عز وجل، فكانت تحمل عبء مساندة رسول الله، وعاشت أم المؤمنين خديجة مع رسول الله ربع قرن من الزمان، "15 عامًا قبل البعثة و10 أعوام بعدها" 

مواقف السيدة خديجة مع النبي 

عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي ﷺ إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء، فغِرتُ يوماً فقلت: ما أكثر ما تذكرها، حمراء الشّدق قد أبدلك الله عز وجل بها خيراً منها، قال: ما أبدلني الله عز وجل خيراً منها: قد آمنت بي إذ كفر بي الناس. وصدقتني إذ كذبني الناس. وواستني بمالها إذ حرمني الناس. ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء. 

وتقول أم المؤمنين عَائِشَةَ: مَا غِرْتُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ إِلَّا عَلَى خَدِيجَةَ وَإِنِّي لَمْ أُدْرِكْهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ، يَقُولُ: «أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى أَصْدِقَاءِ خَدِيجَةَ» قَالَتْ: فَأَغْضَبْتُهُ يَوْمًا، فَقُلْتُ: خَدِيجَةَ فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا». 

 

السيدة خديجة من النساء المبشرات بالجنة

أتى جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم مرّة فقال: «يا رسول الله، هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربّها عزّ وجل ومنّي، وبشّرها ببيت في الجنّة من قصب لا صخب فيه ولا نَصَب». 


عام الحزن ووفاة السيدة خديجة

عندما حوصر المسلمون في شعب أبي طالب، ومنع عنهم الطعام والشراب، كان ابن أخيها حكيم بن حزام يأتيها بالطعام فتوزعه على المسلمين المحاصرين، وكانت حصنا وسندا للنبي صلى الله عليه وسلم في بيته، كما بذلت جهدها ومالها وتربيتها لأبنائها، وفرّغت رسول الله لمشاق الدعوة إلى الله، كما صبرت على فقد ابنيها (القاسم وعبد الله).

وتوفيت السيدة خديجة رضي الله عنها عام 10 للبعثة، بعد وفاة أبي طالب عم رسول الله بـ 3 أيام فقط، ولذلك سميّ ذلك العام «عام الحزن»، رحم الله خديجة ورفع شأنها في الجنّة، وجعلنا من المهتدين بإيمانها وإخلاصها وحبّها للرسول صلى الله عليه وسلم. 

ads