الإبداع مستمر في أول ملتقى دولي لفنون الحكي بالقاهرة

الإبداع مستمر في أول ملتقى دولي لفنون الحكي بالقاهرة.. الحكي واحد من أهم الفنون التي برع فيها المصريون في مختلف أنحاء البلاد، فمصر تضم عدداً غير محدود من الحكايات الشعبية التي كانت تروى على ألسنة الحكائين ويتداولها الناس على مر الأعوام. فما الجديد الذي قدمه ملتقى القاهرة الدولي للحكي في دورته الأولى؟.
الإبداع مستمر في أول ملتقى دولي لفنون الحكي بالقاهرة.. على مدار الأعوام كان فن الحكي واحداً من أشهر الفنون التي برع فيها المصريون بصور وقوالب مختلفة، فالمصري بطبعه محب للحكايات، وتزخر البلاد من شمالها إلى جنوبها بقصص من التراث الشعبي الذي يمثل واحداً من أهم العناصر التي تعكس طبيعة المجتمعات وتعبر عنها.
الإبداع مستمر في أول ملتقى دولي لفنون الحكي بالقاهرة.. وقد كان الحكاؤون من سمات المجتمع التقليدي، وكانت جلسات الحكي واحدة من الفعاليات المهمة التي تقام في مناطق معينة مثل السيرة الهلالية في الصعيد، وتطورت فنون الحكي مع الزمن واختلفت الوسائل إلا أن البطل الرئيس ظل قائماً وهو الحكاية.
الإبداع مستمر في أول ملتقى دولي لفنون الحكي بالقاهرة.. أخيراً انطلق ملتقى القاهرة الدولي للحكي في دورته الأولي خلال الـ16 من أبريل (نيسان) الجاري على المسرح القومي بالعتبة، وهو فعالية تعد الأولى من نوعها في مصر وتقام برعاية وزارة الثقافة، ويتشارك في تنظيمها أكثر من مؤسسة فنية وثقافية مستقلة مثل مؤسسات "اسمعونا"، و"صلة"، و"بيت الحواديت".
الإبداع مستمر في أول ملتقى دولي لفنون الحكي بالقاهرة.. وشمل حفل الافتتاح فقرات متنوعة من بينها عرض حكي لفرقة "الورشة" من إخراج حسن الجريتلي الذي تحمل الدورة الأولى من الملتقى اسمه تقديراً لجهده في فن الحكي، وكُرمت مجموعة من الفنانين الذين كانت بدايتهم مع فن الحكي قبل أن ينتقلوا إلى عالم الدراما التلفزيونية مثل الفنان سيد رجب والفنان شريف الدسوقي، وتتوزع الفعاليات بين مواقع عدة وهي بيت السناري وقبة الغوري وبيت السحيمي، وساحة الهناجر ومكتبة القاهرة الكبرى.
الإبداع مستمر في أول ملتقى دولي لفنون الحكي بالقاهرة.. ويتضمن الملتقى مجموعة متنوعة من الفعاليات مثل ورش الحكي والعروض الفنية والدورات التدريبية حول فنون الحكي المختلفة، وتستمر فعالياته حتى حفل الختام الذي سيقام على مسرح السامر بالعجوزة، وسيشهد تكريماً خاصاً للحكاءة عارفة عبدالرسول، وتكريم اسم الحكاء الراحل رمضان خاطر، والحكاءة الراحلة سهام عبدالسلام، إضافة إلى عرض حكي مدته 30 دقيقة وفيلم يعرض حصاد الدورة الأولى.
التاريخ والتراث
الإبداع مستمر في أول ملتقى دولي لفنون الحكي بالقاهرة.. ومن بين الفعاليات التي يشهدها الملتقى أيضاً مشاركة مبادرة "سيرة القاهرة" المعنية بالتاريخ والتراث. ويقول مؤسسها عبدالعظيم فهمي "هذا الحدث خطوة طال انتظارها أن يكون هناك ملتقى مصري للحكي يأخذ الصفة الدولية ويحمل اسم القاهرة، فالمصريون ملوك الحكي والمصري حكاء بطبعه ويحب القصص والحكايات، والخيط المتصل بالحضارات المتعاقبة في مصر مرتبط بالحكي. وفي مختلف أنحاء مصر من الشمال إلى أقصى الجنوب هناك عدد غير محدود من الحكايات الشعبية القديمة والمعاصرة، التي كانت تُروى على ألسنة الحكائين ويتداولها الناس، فهذا الفن مرتبط بالناس ويصل إليهم بسهولة، فالحكي واحد من أهم أدوات نقل المعرفة الذي تطورت وسائل انتشاره مع الزمن، فمن الحكاء التقليدي إلى ظهور مسرح خيال الظل والأراجوز، ولاحقاً المسرح بصورته التقليدية، ثم ظهور السينما وأخيراً وسائل التواصل الاجتماعي".
يضيف فهمي "تشارك سيرة القاهرة في الملتقى في أكثر من فعالية، من بينها عروض لأفلام أنتجناها من خلال المبادرة، أحدها بعنوان ’الحطابة‘ والآخر بعنوان ’ذاكرة الحجر‘. وننظم جولة في منطقة الغورية نحكي فيها عن تاريخ المنطقة وحكايات المواقع الأثرية التي نمر عليها خلال الجولة، ونشارك في فعالية أخرى نحكي فيها عن تاريخ القاهرة وإنشائها".
مبادرات لفن الحكي في مختلف أنحاء مصر
مبادرات فردية متنوعة قام بها مهتمون بفنون الحكي المختلفة في أنحاء البلاد كافة، بعضها استهدف الكبار والآخر استهدف الأطفال، ليبقى خط الحكي متصلاً بين الأجيال. وتأتي قيمة وأهمية مثل هذه المبادرات في أن القائمين عليها ينطلقون في مواقع مختلفة من محافظاتهم مثل القرى والأماكن التي لا تصل إليها الخدمات الثقافية المختلفة، لتمثل هذه المبادرات التي تعتمد فن الحكي جسراً للتواصل بين الناس والفن، وتعمل على سد فجوة يعانيها بعض المجتمعات داخل مصر في ما يتعلق بالثقافة، وتحاول خلق صورة من صور العدالة الثقافية في مجتمعاتها.
ضمن فعاليات الملتقى تم تكريم أصحاب أربعة مشروعات مهمة في مجال الحكي هم تامر محمود من الإسكندرية عن مشروع "سفينة نوح"، وهيثم شكري من القاهرة عن "مشروع الحكواتي"، وهيثم عبدربه من الشرقية عن مشروع "عربة الحواديت"، وشنودة عادل من المنيا "مشروع الصخرة".
ويقول الفنان تامر محمود "وجود ملتقى للحكي في مصر حلم تحقق بعد أعوام من الانتظار، فالحكي من الفنون المميزة داخل مصر بصور مختلفة في مختلف أنحاء الجمهورية. أنشأنا فرقة "سفينة نوح" منذ عام 2002 واخترنا لها هذا الاسم لأنها حكاية، وفكرة الطوفان توجد عند كثير من الشعوب بتصورات مختلفة تتناقلها الحكايات، كما أن له رمزية باعتبار أن السفينة تشق الظلام وتحاول أن تنير ما حولها وهو ما نحاول القيام به. الحكي من الفنون شديدة الأهمية لأنه يمثل الذاكرة الشفهية والحكايات المتوارثة عبر الأجيال، وله أهمية كبرى حالياً مع سيطرة التكنولوجيا وإبهارها على الأجيال الجديدة، فالطفل لا بد أن يسمع الحدوتة وأن يثار خياله ولا يكون كل تعامله مع الآلات، وخلال الفترة الأخيرة هناك اهتمام نسبي في العالم كله بالعودة للحكايات والفنون التقليدية". ويتابع محمود "إقامة ملتقى للحكي في مصر هو انتصار لهذا الفن وللحكائين في كل أنحاء البلاد على مر الأعوام، للأسف ما زلنا نعاني المركزية في مصر، فالفعاليات الكبرى متمركزة داخل القاهرة وأهل المحافظات لا يتوافر لهم القدر الكافي من النشاطات الثقافية، وهنا يأتي دور كثير من المبادرات الفردية التي يقوم بها كثير من الفنانين".
حكايات الجنوب
برع أهل الجنوب في صعيد مصر بفنون الحكي وكان الحكاؤون جزءاً من طبيعة المجتمع التقليدي إلا أن هذا الفن التراثي بدأ يتوارى نسبياً وأصبح يحتاج إلى نشر الوعي بأهميته باعتباره جزءاً من التراث الثقافي للبلاد، ومبادرات عدة أصبحت تعنى بالحكي وتقدم نشاطات للكبار والصغار في جهد ملموس يهدف إلى الوصول إلى قطاعات كبيرة من الجمهور والعمل على إبقاء فن الحكي حياً.
ويقول شنودة عادل مؤسس مبادرة "الصخرة" إن "إقامة ملتقى للحكي خطوة عظيمة، فهناك مهرجانات وملتقيات لمختلف أشكال المسرح إلا فن الحكي، وإقامة مثل هذا الحدث يساعد كثيراً في التعريف بأهميته، فهذا الفن يحتاج مهارة كبيرة من الحكاء ذاته، لأنه يعتمد عليه كلياً، فصوته وتعبيراته فقط هي الوسيلة التي من خلالها يُجذب انتباه الجمهور وتوصل الفكرة أو الحكاية، ومن هنا تأتي أهمية الملتقى في أنه ينشر الوعي ويخلق حالاً من الزخم لهذا الفن"، ويضيف "الصعيد له تاريخ طويل في فن الحكي، والحكاؤون دائماً ما كانوا جزءاً من الثقافة الشعبية يروون حكايات التراث الشعبي المختلفة، ولا يزال هناك بعض الحكائين في محافظات الجنوب مثل سوهاج وقنا، ولكن بصورة أقل من السابق والمحافظات الشمالية مثل المنيا، كاد يختفي منها هذا الفن بصورته التقليدية، وهنا تأتي أهمية المبادرات الفردية في إبقاء مثل هذه الفنون حية. للأسف، المحافظات بعيدة من الفعاليات الكبرى وإن وجدت تكون في المدن وليس القرى والنجوع، التي يصل لها كثر من القائمين على مبادرات ثقافية فردية في مختلف أنحاء مصر".