رئيس مجلس الأدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند أبو ضيف
هير نيوز هير نيوز
رئيس مجلس الأدارة
خالد جودة
رئيس التحرير
هند أبو ضيف

بقلم فاطمة المزيني: هل أنت دراما كوين

هير نيوز

بقلم فاطمة المزيني: هل أنت دراما كوين.. لا تصفو الحياة لأي إنسان، وهذا جزء من طبيعتها، لكن بعضنا لا يحسن التعامل مع لحظات الانكسار الطارئة بسبب جرعة الدراما العالية في نفسيته، فنراه حين يتعثر أمام أزمة عابرة يسارع لتحويلها إلى «هوية وجودية»، يتبنى دور الضحية وكأنه خُلق لتطارده المحن وتُصفده لعنة العالم.. ومن هنا تحديدًا يتشكل انحدار خفي إلى نمط نفسي يشل الإرادة ويغذي هشاشة الذات، فالإنسان عندما يتلبس بألمه، ويتقمص أدوار المأساة، يصبح تدريجيًا عاجزًا عن تمييز الواقع من سرديته، والحدث من تأويله.

بقلم فاطمة المزيني: هل أنت دراما كوين.. العقل، كما تؤكد دراسات علم النفس المعرفي، يميل فطريًا لاختزال التجارب في حبكة درامية: تُضخم فيها العقبات، وتُعمم فيها النتائج، ينتج هذا عن حاجة نفسية دفينة لتفسير الألم وتبرير العجز، حين يقول أحدهم بعد تجربة فشل واحدة: «الحياة كلها ضدي»، إنما يؤسس لرواية تمنحه راحة زائفة، فالضحية تتلقى التعاطف، وتتحرر مؤقتًا من عبء المحاولة، لكنها في المقابل تفقد قدرتها على التغيير.

بقلم فاطمة المزيني: هل أنت دراما كوين.. أن ترسب في اختبار فترى فيه نذير شؤم لمستقبلك، أو أن تنهار علاقة فتقرر أن الحب وهم لا يُعوّل عليه، فأنت هنا لا تعيش حالة حزن طبيعية بل تمارس انسحابًا داخليًا من الحياة، واستقالة من مشروعك الشخصي، ورفضًا ضمنيًا للنمو.

بقلم فاطمة المزيني: هل أنت دراما كوين.. يبدأ الخروج من هذا القفص بتعديل اللغة التي نخاطب بها أنفسنا، أن تقول «أنا أواجه مشكلة» بدل «أنا ضحية» لا يعني إنكار الألم، بل الاعتراف به دون أن يتملكك.. هذه الكلمات البسيطة تعيد تعريف الذات من عاجزة إلى فاعلة، وما إن تتحرر من دراما السرد الذاتي، حتى تبدأ بطرح أسئلة واقعية: هل ما أعتقده مدعوم بأدلة؟ هل في حياتي لحظات تناقض هذه القتامة؟ هذه الأسئلة تحدث شرخًا في سردية الضحية، وتُدخل الضوء إلى زوايا النفس المعتمة، عندما يلتفت الإنسان لما يمكنه فعله –ولو كان بسيطًا كالتعلم من خطأ، أو إصلاح علاقة، أو تدوين المشاعر– تتحرر طاقته من أسر الشكوى.

بقلم فاطمة المزيني: هل أنت دراما كوين.. إذ تظهر أبحاث علم النفس أن هذه الحركات الصغيرة كافية لإعادة تشكيل نظرتنا للعالم.

الحقيقة أن أحدًا لا يُولد ملعونًا، ولا يُسجن في مأساة أبدية إلا إذا شارك في بناء قضبان سجنه، الحياة لا تنصف الجميع، لكنها تمنح كل واحد منا هامشًا من القوة لمواجهة المصائب، فمن يُصر على البقاء تحت المطر دون أن يبحث عن مظلة، لا يحق له أن يلعن السحاب إلى الأبد، الألم حقيقي، لكن تحويله إلى هوية هو ما يجعل الإنسان عدوًا خفيًا لنفسه.

نقلا عن الوطن السعودية

تم نسخ الرابط