الثلاثاء 07 مايو 2024 الموافق 28 شوال 1445
رئيس مجلس الإدارة
خالد جودة
ads
رئيس مجلس الاداره
خالد جوده

استقلال الفتيات عن أسرهن.. ظاهرة إيجابية أم نبت شيطاني؟

الثلاثاء 09/نوفمبر/2021 - 04:59 م
هير نيوز

انتشرت خلال السنوات الأخيرة الماضية في مصر، واحدة من الظواهر الاجتماعية الخارجية، وهي استقلال الفتيات عن أسرهن بغرض العمل؛ لتكسر المرأة بذلك كل العادات والتقاليد المصرية المتعارف عليها.

ورغم عدم وجود إحصائيات رسمية أو حقوقية ترصد حجم الظاهرة، إلا أن الحالات تزداد يومًا تلو الأخر.

 

فتاة تروي لـ هير نيوز تجربة استقلالها عن أسرتها من أجل العمل

 

دشنت ثلاث فتيات، مبادرة لدعم استقلال الفتيات عن أسرهن، تحمل اسم "femi-hub"، وذلك في عام 2015.

وتهدف المبادرة التي أسستها وقتها، سهيلة محمد، وسارة يسري، ومي طراف، إلى تعاون الفتيات اللائي قمن بهذا الاستقلال مع بعضهن البعض، ومساعدة الأخريات لتوفير فرصة عمل أو مسكن لهن.

وتركز عمل ونشاط المبادرة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وذلك لإرشاد الفتيات المستقلات ماذا يفعلن لانتقاء المسكن والعمل المناسب لهن.

لنتشر خلال السنوات الأخيرة الماضية في مصر، الظاهرة، ورغم عدم وجود إحصائيات رسمية أو حقوقية ترصد حجم الظاهرة، إلا أن الحالات تزداد يوما تلو الآخر.

ومن أحد النماذج إ.م البالغة من العمر ثلاثة وعشرين عامًا. تعمل موظفة لخدمة العملاء في شركة الطيران الكويتية " ناس " وتسكن في مرسى علم بجانب عملها.

 

تجربة عملية

روت لـ هير نيوز تجربتها، قائلة: "درست اللغة التشيكية في كلية الألسن لمدة أربعة سنوات.أماكن العمل التي تعلن عن احتياجها لمتخصصين في مجال لغتي نادرة في القاهرة تقريبًا وعلى الرغم من ذلك لم أحب أن أغير حياتي المهنية. قُلتُ لنفسي لم أكن أذاكر وأجتهد في محاضراتي طوال هذه السنوات لأغير حياتي المهنية ببساطة. يجب أن أعمل في مجال لغتي وأعمل على تقوية لغتي مهما حدث".

وأضافت: "فكرت مليًا عندما وجدت إعلان الوظيفة الذي نشرته شركة ناس وقررت أنني سأتقدم لتلك الوظيفة. كنت الأجرأ بين زميلاتي وصديقاتي في اتخاذ هذا القرار".

 

الاستقلال المادي

وتابعت: "الدافع الأول لي كان حبي لاستقلالي المادي. لم أعمل أو أستقل ماديًا أو اجتماعيًا من قبل فأردت أن أواجه الصعوبات التي قد تقابلني عندما أكون بمفردي، مغتربة بعيدًا عن بيتي وعائلتي. أردت أيضًا أن أقوم بكل شيء بمفردي، أستيقظ، أقوم بكل أعمال المنزل بمفردي والأهم أن اتعامل بمفردي مع الضغوط النفسية ".

وأوضحت: "عندما واجهت أسرتي بالقرار حاولت أن أقنعهم أنني أردت أن أعمل بمجال تخصصي مهما تكلف الأمر ولا أريد أن أعمل بوظيفة أخري. لم يوجد أحد يمانعني أو يعترض اعتراض قاطع فقط كانوا متخوفين ومترددين. أبي كان مترددًا لأني لم أكن أعمل أو أبتعد عن البيت من قبل. لقد تربيت على أن أي شيء يخدم دراستي أو مستقبلي لن يُرفض. قالوا إنني سأكون بمفردي وأن العمل بعيدًا عن البيت، لكن عندما أخبرتهم أني مُصرَّة على خوض تلك التجربة لم يقفوا أمام طموحي. خصوصًا أن العمل ثابت وبمرتب جيد والتجربة آمنة فلم لا! "

 

تحدٍّ

وأكدت قائلة: "التجربة بالنسبة لي كانت تحديًا وشيئًا رائع أكثر من كونه له عواقب أو نتائج سلبية. كنت سعيدة في بداية الأمر وكان ذلك الشعور الوحيد الذي أشعر به. بالطبع كانت فرصة عظيمة سأتعلم منها أشياء جديدة وأسافر إلي مكان جديد وأعتمد على نفسي. والعمل قد يعطيني خبرة كبيرة وقد يفتح لي آفاقًا جديدة وعملًا أفضل".

وأوضحت قائلة: "أقيم معظم أيام الشهر في سكن بجانب العمل ويتبقى أسبوع واحد في الشهر كعطلة وفيه أعود الي بيتي. أعمل موظفة لخدمة العملاء في المطار في مناوبة قد تستمر إلى اثنتي عشرة ساعة بدءًا من منتصف الليل.أسكن في شقة مع زميلاتي في السكن وعددنا 3. كل واحدةً منا تقوم بأعمال المنزل بمفردها ومعتمدة على نفسها. تتولى الشركة نفقات الشقة من كهرباء وغاز، وتوجد حافلة لتقلني من وإلى العمل".

 

 

إيجابيات وسلبيات الاستقلال

واستكملت قائلة: "إن الاستقلال في العموم له إيجابياته وسلبياته وهناك إيجابيات عدة منها أولًا إنني أتعلم أشياء جديدة من المواقف الاجتماعية التي أتعرض لها. ثانيًا أكتسب خبرة عملية من التعرض للمواقف التي يجب أن أحلها بمفردي. ثالثًا التعرض للضغوط والتخفيف منها دون مساعدة أحد. رابعًا أتعلم من الأخطاء التي أقوم بها ".

وأضافت قائلة: " وأعتقد أن السلبيات تشتمل الشعور بالوحدة، افتقاد الجو الأسري، افتقاد الاعتمادية على الأم والأب حتى في أبسط الأمور. ففي الجامعة لم أكن أستيقظ بمفردي حاليا يجب أن أستيقظ بمفردي لأنه لا يوجد أحد ليوقظني، عدم وجود أشخاص لدعمي في حل المواقف والمشكلات الصعبة والأزمات النفسية. فمهما كنت شخصية قوية ما زلت أحتاج شخصًا يقف بجانبي ويدعمني في الأزمات".

 

نظرة المجتمع

وأشارت قائلة: "بالنسبة للمجتمع البعض نظر إلىَّ نظرة فخر وأن عملي في المطار شيء رائع حقا، وتحديت نفسي وخاطرت بفعل شيء لم يفعله أحد من قبل، وسافرت واغتربت في حين أن هناك شبابًا لا يستطيعون الابتعاد عن أسرهم لفترة طويلة. أما البعض الآخر فقال بعض التعليقات السلبية ككيف يتركها أهلها لتفعل شيئًا كهذا؟ وكيف لا يخافون على ابنتهم؟ ورغم أنه عمل جيد إلا أن الفتاة لا يجب أن تترك بيتها وهكذا لكن سواء هؤلاء أو أولئك لا أحد يرى الجوانب الأخرى التي يدفع الإنسان ثمنها ليكون في هذا الطريق".

 

واستكملت قائلة: "لم أكن أفكر في الضغوط أو الأزمات التي ستواجهني؛ ولذلك عندما واجهت الأزمات شعرت بالتراجع قليلًا وبالانطفاء لأني لم أدرك كيفية التعامل مسبقًا. أي مكان عمل نتعرض فيه لبعض من الضغوط ونشعر فيه أننا نريد أن نتركه، لكن الأمر ليس بتلك السهولة لأن الإنسان يجب أن يرى ترتيب أولوياته في الحاضر وما هو أفضل لمستقبله. فلا يجب أن أغادر المكان بعد أول مشكله أتعرض لها. يجب أن أتأقلم مع طبيعة العمل وأتعلم منه أكثر لكي يفيدني في كل الخطوات التي قد آخذها في حياتي مستقبلًا.

 

وأكدت قائلة: "طوال الستة أشهر الماضية منذ بدايتي في تلك الوظيفة تعلمت أشياء كثيرة لم أكن لأدركها لولا اتخاذي قرار تنفيذ تلك التجربة. وأعتقد أنني إذا دخلت في تجربة أخرى سأتجنب الأفعال التي أخطأت فيها".

 

وأوضحت قائلة: "لا أستطيع أن أستقل استقلالًا كاملًا عن أهلي وأنعزل عنهم كاستقلال معيشي كامل لأنه لا يصح هذا. إذا كان استقلال جزئي كما هو الحال الآن أستطيع منه أن أري عائلتي وأقضي معهم وقتًا فهذا شيء جيد.عندما أعود للبيت في الأسبوع المتبقي من الشهر أتلهف لملاقاة عائلتي والجلوس معهم والإحساس بجو الأسرة مجددًا، لكن الاستقلال المعيشي الكامل بأن أكون بمفردي طوال حياتي هذا مستحيل ".

وأنهت حديثها قائلة " عندما نرى آراء من حولنا من أشخاص لا نجدهم متفقين في نفس الرأي، وإذا ولينا اهتمامًا بهذه الآراء لن نفعل شيئًا. يجب أن يقرر الإنسان بنفسه ماذا سيعمل وكيف سيفعل هذا من غير النظر إلى الأشخاص الآخرين وما سيقولونه. "

 

غياب الحوار الأسري

أرجعت دكتورة سامية خضر صالح، أستاذ علم اجتماع جامعة عين شمس، سبب شروع بعض الفتيات في الاستقلال عن الأهل، إلى غياب الحوار الأسري.

وقالت خضر لـ هير نيوز: "الظاهرة موجوده بالفعل وانتشرت منذ فترة طويلة. فكرة استقلال المرأة ماديًا عن أهلها لأنها قد تساعد والدتها أو إخوتها ووُجدت في بعض المسلسلات قديمًا. وبرغم وجود هذه الظاهرة نحن لا نستطيع أن نعممها".

وأكدت قائلة: "على الرغم من عدم وجود إحصائيات هناك عدد لا بأس به من الفتيات يعملن ويسكنَّ بجانب أماكن عملهن، إما مع صديقة وإمّا أنها تعيش بمفردها. قد تنتقل على سبيل المثال من أسوان إلى حلوان بغرض العمل وهذا شيء طبيعي. أعتقد أن الاستقلال المادي بغرض العمل ليس به أي مشكلة طالما تربت الفتاة بشكل سليم وليس به أي شائبة ما دامت تحافظ على كرامتها وأخلاقها".

 

التقاليد والعادات

وأشارت خضر قائلة: "المشكلة تأتي إذا تعثرت الفتاة عن احترام تقاليدها وعاداتها، وإذا خرجت عن المنهج السليم للفتاة المصرية، إذا كان هناك من يحاول أن يغريها بالخروج عن التقاليد والعادات المصرية وهنا يجب أن نعيد الفكر ونقول لا ".

 

وحذرت أستاذ علم الاجتماع، قائلة: "إذا أرادت أن تكون الفتاة حرة وتعمل وتستقل وتحصل على عمل جيد خارج مدينتها أو قريتها ليس معناه التخلي عن الأخلاقيات والتفريط في العادات والتقاليد والشكل السليم للفتاة المصرية".

 

وأوضحت قائلة: "من أهم أسباب ظاهرة الاستقلال للفتيات بغرض العمل هو انتهاء الحوار الأسري للأسف وهذه هي الكارثة بعينها".

ووجهت تحذيرًا للأسرة المصرية، قائلة: "انتبهوا أيها السيدات والسادة إذا انتهى الحوار الأسري ضاعت الأسرة كلها، فيجب على أفراد الأسرة أن يتشاركوا ويتبادلوا أطراف الحديث ولكن قليلًا من يقوم حاليًا بهذا الدور وهذا خطر. "

وأشارت قائلة: "أحيانًا من الصعب أن تواجه الأم نفسها بين مشاعرها وانفعالاتها وبين دعمها لابنتها تجاه قرار الاستقلالية ولكن قد تختلف من حال إلى أخرى وفي كل الأحوال لم تُطبّق التجربة والخبرة أمامنا".

وتابعت خضر، قائلة: "إذا اعتادت الفتاة الاستقلالية من الصعب تغيير هذه العادة. أحيانا تُصاب البنت بالكِبَر وعدم الاستماع للأب أو الأم أو الأسرة بشكل عام، وأحيانًا تتجمد مشاعرها تجاه الأسرة وهذا شيء محتمل قد يحدث وقد تتفاقم هذه الظاهرة. مستقبلًا قد لا تخضع للزوج أو حتى تتفاهم مع زوجها؛ لأنها سيدة نفسها ومشوارها وقرارها. هذه القرارات التي أخذتها بمفردها من الصعب اعتيادها على فوائد صحية لثمرة "قراصيا" من ضمنها تغذية الشعر وجود شخص ليمنعها و يعترض ويقول لها لا. هنا تشعر بالاختناق لأنها قد اعتادت على الاستقلالية. وقد تكون الطامة لأن المرأة التي تشعر في قرارة نفسها بالاستقلال في حياتها تري نفسها كالطائر الذي يغرد وحده لا تريد أن يحبسها أحد باعتراضات أو ضغط حتي لو كان أبًا أو أمًّا أو زوجًا".

 

الاستقلالية المفرطة

وأكدت قائلة: "الاستقلالية المفرطة للفتاة قد تُصعِّب من أسلوبها في تعاملات الحياة اليومية مع الآخرين لأنها قد عاشت مدة طويلة ومن الصعب عليها أيضاً المشاركة مع الآخرين في مختلف جوانب الحياة سواء زوجًا أو أسرة. وقد يتسبب في ضعف الترابط الأسري إلى حد ما".

وأضافت: " نظرة المجتمع للفتاة أو المرأة المستقلة ماديًا وبعيدة عن أسرتها يجب أن تكون أفضل. نجاح المرأة يعظم موقفها، فعلى سبيل المثال إذا كانت تعيش في أسيوط وانتقلت إلى القاهرة لتكون ناظرة مدرسة هذا شيء جيد".

 

وأوضحت قائلة: "هناك اختلاف كبير بين الاستقلال المادي بغرض العمل والاستقلال المعيشي الكامل، فالأخير من التقاليد الغربية تمامًا. ففي الغرب إذا بلغت الفتاة أو الفتى 17 عامًا لا ينفق الأب على أبنائه فتبدأ الفتاة أو الفتى العمل. هم لهم تقاليدهم ونحن لدينا تقاليدنا ".

وحذرت قائلة: "يجب أن يعود دور كل من الأم والحوار الأسري حتى يتحقق الاستقرار النفسي للأسرة. احتضان الام للأسرة شيء في غاية الأهمية ويجب أن ترتب الأولويات حسب الآتي الزوج والأسرة أولًا ويجب أن تهتم بهم اهتمامًا بالغًا وغير ذلك فلا. "

وأنهت حديثها قائلة: "لا يجب أن تمانع الأسرة منعًا قاطعًا. الأسرة لها دورالنصيحة في توجيه الفتاه أنها يجب أن تحافظ على دينها وأخلاقها ونفسها ما دامت تستقل بغرض العمل، فالحفاظ على العادات والتقاليد معناها الحفاظ على الكرامة وهذا شيء مهم جدًا. يجب أن تكون سيدة نفسها".

 

 

ظاهرة إيجابية بشروط

من جانبها، قالت الدكتورة هبة عيسوي أستاذة علم النفس بكلية الطب جامعة عين شمس، لـ هير نيوز، إنه "منذ عشر سنوات كانت الأسر ترفض الاستقلال تمامًا أما الآن فهي تستقل لأجل فرصة العمل بشكل أسهل، فهناك نماذج كثيرة لفتيات تنتقل من محافظات إلى أخرى بغرض العمل ويعدن إلى أهلهن في نهاية الأسبوع".

وأوضحت "عيسوي"، أن "القصة لها جذر أو بدايات سابقة قبل فكرة الاستقلال المادي بغرض العمل، فتنسيق الكليات يجبر بعض الفتيات على الذهاب لمحافظة أخرى، فعلى سبيل المثال قد يأتي تنسيق الكلية للفتاة في المنيا وهي تسكن في محافظة سوهاج".

وأضافت أستاذة علم النفس: " أنا أرى أن هذه الظاهرة من الظواهر المحمودة، وإذا وجدت الفتاة فرصة العمل في أي مكان فهي فرصة جيدة ستحقق لها طموحاتها وكيانها وتصنع لها نوعًا من الاستقلال المادي وهذا شيء جيد ولكن هناك بعض التحفظات ألا وهي، يجب أن تتحمل كل أنواع المسؤولية، وفي مقدمتها الأخلاقية، فهناك عادات وتقاليد يجب أن نتبعها ويجب أن تحترمها الفتاة وتحافظ على الثقة المتبادلة بينها وبين أهلها".

 

وتابعت: "يُحبذ أن تسكن بجانب أقارب لها في حالة وجودهم في نطاق مكان العمل التي ستعمل به بجانب العمة أو الخالة مثلا، وبقاؤها بجانب الأقرباء يحميها من التشوش النفسي فعندما تبقى الفتاة بمفردها يُمارس عليها كثير من الضغوط، فقد تتعرض لبعض التعليقات الهجومية وتسيء الناس فهمها أو تتجرأ عليها".

 

دعم الأسرة

وأضافت: " إذا دعمت الأسرة الفتاة في السنة الأولى مثلًا هذا يعطي نوعًا من الثقة والاحترام من الجيران والشارع الذي تسكن به، ووجود عائلتها ودعمهم لها يحمي الفتاة من الضغوط سالفة الذكر".

وأوضحت "عيسوي"، قائلة: " الدعم له تأثيرإيجابي جدًا على الفتاة؛ لأنه يعطيها نوعًا من التحقق وهذا التحقق له العديد من المكونات، الأول التحقق المادي والإدراك الصحيح للتعامل والتعلم مع مختلف المواقف والأزمات وهذا يزيد ثقة البنت بنفسها حتي مع وجود الأخطاء والعمل على تصحيحها، والمكون الثاني عند حل المشاكل اليومية تشعر الفتاة وقتها بأن لها كيانًا مستقلًّا وقويًّا وثابتًا، أما الثالث فهو إيجابية الصورة الذاتية أن ترى الفتاة ما تفعله في قرارة نفسها جيدًا".

 

الدعم النفسي

وشددت أستاذة علم النفس، على ضرورة الدعم النفسي للفتاة من قبل الأسرة، قائلة: " إذا لم يوجد فستعتمد على غيرها أكثر. ويجب أن تقوم بتلك التجربة لتعتمد على ذاتها. إذا وجدت الحافز والإصرار ستستمر، وإذا وجدت أن التجربة ستسبب لها المشاكل سيؤدي ذلك إلى ما يسمى الضغوطات المركبة وهو ضغط التعامل مع أشخاص جدد، مكان جديد وأيضًا الضغط الأسري".

وأضافت: " أما الاستقلال المعيشي الذي غرضه التحرر وعدم التقيد بآراء الأهل هربًا منهم فهو يرجع إلى أن هناك شخصًا مراقبًا لها على الدوام، لا تريد أي توجيه من الأسرة، وتريد العيش بطريقة مخالفة ومختلفة عن الأعراف والتقاليد الأسرية المصرية خاصتنا. فهي بذلك تريد الفرار من نوع من العلاقة المشوهة بين الأب أو الأم أو كلاهما إما أساؤوا معاملتها أو بسبب نوع آخر من الإساءة النفسية وهو الإسقاط أو التحرش، وفي هذه الحال تعاني الأسرة من مشاكل كثيرة تدرك من خلالها الفتاة أن الحل هو الفرار ولكنه ليس حلًا إنما هو فرار بالمشكلة وبآثارها النفسية. وهنا قد يأتي دور العلاج النفسي في حل ذلك النوع من المشكلة".

وأنهت "عيسوي" حديثها قائلة: "وأنصح الفتيات اللاتي يردن الاستقلال أن يحافظن على العلاقة مع الأسرة في أوقات الإجازات، إما أن تذهب لهم وإما أن يأتوا لها"، مشددة على ضرورة زيارة الأسرة باستمرار للمنطقة التي تعمل بها الفتاة.

 

فريسة للشياطين والزنا

 

حذر الدكتور شوقي عبد اللطيف، وكيل أول وزارة الاوقاف، من ظاهرة استقلال الفتاة عن أسرتها بغرض العمل، مؤكدًا انها مستوحاة من الثقافة الغربية وتجعل الفتاة فريسة لشياطين الإنس والجن وعرضة للزنا.

وقال عبد اللطيف لـ هير نيوز، "أولًا عندنا في مصر الأسرة لها كيانها واحترامها، فالفتاة عليها واجبات تجاه والدتها ووالدها، ولها حقوق عليهما، فكل طرف عليه واجبات وله حقوق، ومطلوب من الوالد التربية الحسنة وتوفير كل متطلبات الحياة من تأمين التعليم والملبس والمسكن إلى غيره، حتى أن تبلغ الفتاة".

وأضاف وكيل أول وزارة الأوقاف: "وطالما هي في بيت أبيها يجب أن تتبع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن جابر رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي مالاً وولداً، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: "أنت ومالك لأبيك". للولد فكذلك الفتاة هي ومالها لأبيها ومن المفترض ألا تخرج إلا بإذن والدها ولا تتزوج إلا بولاية والدها".

وأشار إلى أنه كما أحسن والداها تربيتها فهي يجب أن تحترم الأبوين احترامًا كاملًا وكل ما تملكه الفتاة فهو ملك أبويها، قائلًا، "قبضت مرتبًا تعطيه لأبيها.إذا احتاجت شيئا تأخذه من والدها".

 

وشدد قائلاً: "أما الاستقلال ده شيء غربي تمامًا أن الفتاة تبقى مُطلقة تفعل وتصنع ما شاءت بعيدًا عن أبويها، وهناك الصديق والكلام الفارغ كما يوجد في أوروبا أن الفتاة لها مطلق الحرية لها الحرية في مصادقه من تشاء وفي صنع ما تشاء هذا لا يصح في بلاد الإسلام، هنا الدين له الكلمة العليا في كل ما يتصادم مع قيمة أو خلق أو شرع".

 

وأكد، أن "الاستقلال المادي للفتاة بعيدًا عن الأهل شيء خاطئ ومشين لا يصح بأي حال من الأحوال".

 

 

وحذر عبد اللطيف، قائلًا: "لا يجب أن تخرج الفتاة عن حيز الأسرة بأي حال من الأحوال ولا يجب أن تستقل أبدًا؛ لأنها تظل عرضة للهلاك والدمار وسوء السلوك"، مشددًا على ضرورة أن تظل تحت رعاية أبويها طالما الأب والأم في صحة عقلية ونفسية جيدين ويخافون على فتاتهما، قائلا: "لا بد أن تحترم الفتاة هذا الأمر ولا بد أن تخضع لسيطرة الأب في حدود ما أباحه الشرع. فإن استقلت الفتاة تصبح فريسة لشياطين الإنس والجن وعرضة للزنا أيضًا. ويعرض الفتاة لأمور لا تُحمد عقباها".

 

 

 

حماقة وتقليد للغرب

كشفت آمنة نصير العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر، عن حكم الدين في استقلال الفتيات عن أسرهن، مؤكدة أنه نوع من العقوق للأسرة ودورها.

وقالت نصير لـ هير نيوز: " الفتيات اللائي يردن الاستقلال هن يُقلدنَّ بنات الغرب، فالفتاة إذا أرادت أن تستقل أو تجد لها دخلًا يجب أن تأخذ من وصاية وولاية أبيها".

 

وأكدت أن "استقلال الفتيات عن أسرهن، تفكير فيه نوع من الحماقة؛ لأن ولاية الأب ورعاية الأسرة يُعدّان أمرين محمودين في ثقافتنا، وأتمنى ألا نهملهما. أو ننقلب عليهما؛ لأنهم في الغرب يعانون الآن من هذا الضياع في أسرهم".

وأوضحت قائلة: "حكم الدين في استقلال البنت يعتبر نوعًا من العقوق للأسرة ولدورها، والبنت نفسها ستدفع الثمن آجلاً او عاجلاً".

وشددت "نصير" قائلة: "لا بد أن تكون الفتاة تحت إمرة ومشورة الأسرة. لكن البنت تأخذ الطريق في وجهها وتعتبر أنها أصبحت سيدة نفسها هذا خطأ عظيم ستدفع ثمنه في أقرب فرصة حياتها. "

وأكدت: " أتمنى أن بناتنا لا يتغروا ويعتقدوا أن بالاستقلال المالي يستطيعون الاستغناء عن الأسرة. فرعاية الأسرة تشمل رعاية نفسية، رعاية اجتماعية، ورعاية انسانية. "

 

ذنب مرفوض

كشف طه أبو الحسين، أستاذ الصحة النفسية وعلم الاجتماع بكلية التربية جامعة الأزهر، الأسباب التي تدفع الفتاة إلى الاستقلال عن أسرتها.

وقال أبو الحسين، لـ هير نيوز، "هناك بعض الفتيات يُردن أن يكنّ صاحبات قرار في حياتهن انطلاقًا من ثقافة جديدة، هي أنها صاحبة القرار لكي تفعل ما تشاء سواء كان صحيحاً او خاطئًا، ومن الممكن أن يكون قرارها صحيحًا دائمًا".

وأوضح أبو الحسين: "من الممكن أن تقوم الفتاة بذلك الاستقلال إما بسبب تقصير أو تفريط في بعض الأمور وإما زيادة في أمور أخري. بمعنى وجود الأب المتسلط أو الأم المتسلطة، أو الأب المُقتّر وهو البخيل. وممكن أن يكون بسبب عدم التأكيد على أساليب التربية المحترمة، وأساليب التربية الدينية الإسلامية. إذا فلتت الفتاة من هذه الأمور تبدأ في اعتقادها أنها تريد أن تفعل ما تشاء وتذهب الي أي مكان تشاء ولا تأبه للوقت الذي تعود فيه، ولا يستطيع الأب في هذه الحال أن يسأل ابنته لماذا تأخرتِ؛ لأنه كما فقد سلطته على ابنته في النفقة سيفقد سلطته عليها في القرار، فسلطة النفقة هي التي تمكنه من سلطة القرار؛ لأن الجهة التي تملك الدفع هي التي تملك القرار؛ ولأن الأب قد يقصر في المصاريف فقد تفلت الفتاة من تحت سلطته وتفعل ما يحلو لها".

وأضاف أبو الحسين: " نحن لسنا ضد عمل الفتاة، لكن يجب أن يتم ذلك تحت سلطة الأسرة، فتعمل بالوظيفة التي تناسبها والتي لا تخدش جنسها أو طبيعتها كالخياطة، التمريض التي تخدم بها أنثى مثلها، فذلك ليس عملًا تخرج به عن طاعة سلطة الأب".

وحذر قائلا: " إذا قررت الاستقلال عن الأسرة بغرض العمل، لتفلت من تحت سلطة الأب، فالذنب يقع على عاتقها وليس على الأسرة، ولكن إذا عملت لكي تساعد في نفقة الأسرة فهذا شيء جيد وتستحق التحية. أما اذا قررت الاستقلال لكي تكون حرة فهذا شيء مرفوض".

وأوضح قائلا: " لا يصح للفتاة أن تذهب بعيدًا عن أسرتها من ناحية علمية ومن ناحية دينية، فالبنت لا يصح لها أن تخرج لتعيش بمفردها في أي مكان؛ لأن للشيطان تسعًا وتسعين بابًا للخير يأتيك منها قبل أن يأتيك من باب الشر. إذا لم تنحرف مع مغازلات ومعاكسات ومحاولات مع شيطان. ستنحرف وتتجه في اتجاه شيطان آخر".

 

شخصية تصادمية

أكد الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، لـ هير نيوز، أن الفتاة التي تشرع في الاستقلال عن أسرتها، هي شخصية تصادمية تريد التحرر من السلطة الأبوية أو الأخوية.

 

وقال فرويز: "اليوم الفتاة تعتمد على نفسها في الدخل المادي. اعتادت من صغرها على الاستقلالية المادية والفكرية، فبالتالي طالما هناك استقلالية لا تخشى الأسرة على البنت في حال أرادت أن تستقل بنفسها".

وأكمل قائلا: "هناك بعض الفتيات اللاتي تبتعدن عن بيتهن لغرض العمل فتأخذ الفتاة في ذلك الوقت سكن بجانب عملها، وأحيانا تكون منفصلة عن زوجها ورافضة أن تعود لبيت أهلها مرة أخرى، فهي تحب أن تعيش باستقلاليتها؛ حيث أدركت أنها قد اعتادت أن تفعل أشياء معينة بمفردها وبمجرد رجوع بيت أهلها مرة أخرى لن تفعلها. فترى أن الانتقال بعيدًا هو أفضل حل".

 

وأضاف: " أحيانا البنت تقرر استقلاليتها حتى مع رفض الأسرة لهذا القرار ولكنهم مجبرون؛ لأنها قد امتلكت النفقة على نفسها فتعتقد وقتها أن الأسرة قد انتهى دورها. فإذا انقطع إمداد الأسرة بالنفقة عليها تكون الفتاة في غنى عنهم. هي لا تحتاجهم في شيء".

وأوضح فرويز، قائلا: "هناك استقلال مادي وآخر في الشخصية. هناك أسر تجد البنت واثقة من نفسها ومن قدرتها النفسية والتفاعلية الحياتية، فإذا قررت هذا القرار لا يمانعونها في ذلك طالما هم موافقون".

وتابع فرويز: "من الدوافع النفسية للفتاة في اتخاذ هذا القرار هو رفض السلطة واتسامها بأنها شخصية احتكاكية لا تحب أن يسيطر عليها أحد، فلديها نوع من الاستقلالية، وبالتالي تحاول أن تعيش بذلك الأسلوب بمفردها، فهي كارهة لسلطة الأب، الأخ، أو السلطة بأي صورة من الصور بالنسبة لها مرفوضة، فبالتالي تصبح شخصيتها تصادمية في ذلك الوضع".

واستكمل قائلا: "طبيعة الشخصية التصادمية أنها ستبقى مع أهلها في مناكفات ومشاكل بسبب اختلاف الآراء واختلاف وجهات النظر معهم واصطدامات، فترى الحل في الاستقلال المادي بعيدًا عنهم. وعندما تستقل تشعر بالارتياح النفسي والمادي فهي تعيش بالصورة التي تريدها ومحققة الهدف المرجو لها حيث إنها تعيش مستقلة".

وأوضح قائلا: "من الصعب على ذلك النوع من الفتيات أن يكون أسرةP لأنها تريد زوج بمواصفات معينة أهمها أن يتقبل فكرها ويعيش معها بالصورة التي تجعلهما غير مؤذيين لبعضهم".

 

وأضاف: "إذا اختارت مكانًا لتعيش فيه بشكل مستقل لن تختار أي مكان بل ستختار مكانًا لا يُسأل فيه أحد من أنت ومن أين جئت وماذا تفعلين؟ ستختار المناطق الجديدة كالرحاب، الشيخ زايد".

وأوضح قائلا: "ضعف الترابط الأسري ليس مقتصرًا كنتيجة لاستقلال الفتيات. بل هناك أسباب كثيرة أخرى تسبب هذا الضعف ".

وأشار فرويز، قائلا: "نحن كمجتمع مصري نرفض هذه الأشياء ولا نعترف بوجودها ولكن وُجدت فتيات مستقلات، والحالات ليست كثيرة لكنها موجودة".

وختم قائلا: "لا نستطيع أن نقول عليها ظاهرة، ولكن هي بعض الأفكار التحررية للمرأة حاليًّا واتخذت مسارها في التزايد. هناك بعض الفتيات يقمن باستغلال ذلك استغلالًا سيئًا وهناك منهن على خلق عالٍ جدًّا. ووجودهن وحدهم لمجرد ظروف معينة".

 

 

 

اقرأ أيضًا..

«المرأة العاملة» بين نار الوظيفة وجنة الأسرة.. وفتيات: «شغلي يعني ذاتي»


لايف كوتش لـ"المرأة العاملة"« افصلي حياتك الشخصية عن الشغل»

الكلمات المفتاحية
ads